Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة العاديات - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) (العاديات) mp3
أَيْ الْأَفْرَاس تْدُو . كَذَا قَالَ عَامَّة الْمُفَسِّرِينَ وَأَهْل اللُّغَة ; أَيْ تَعْدُو فِي سَبِيل اللَّه فَتَضْبَح . قَالَ قَتَادَة : تَضْبَح إِذَا عَدَتْ ; أَيْ تُحَمْحِم . وَقَالَ الْفَرَّاء : الضَّبْح : صَوْت أَنْفَاس الْخَيْل إِذَا عَدَوْنَ . اِبْن عَبَّاس : لَيْسَ شَيْء مِنْ الدَّوَابّ يَضْبَح غَيْر الْفَرَس وَالْكَلْب وَالثَّعْلَب . وَقِيلَ : كَانَتْ تُكْعَم لِئَلَّا تَصْهَل , فَيَعْلَم الْعَدُوّ بِهِمْ فَكَانَتْ تَتَنَفَّس فِي هَذِهِ الْحَال بِقُوَّةٍ . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : أَقْسَمَ اللَّه بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يس . وَالْقُرْآن الْحَكِيم " [ يس : 1 - 2 ] , وَأَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ فَقَالَ : " لَعَمْرك إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتهمْ يَعْمَهُونَ " [ الْحِجْر : 72 ] , وَأَقْسَمَ بِخَيْلِهِ وَصَهِيلهَا وَغُبَارهَا , وَقَدْح حَوَافِرهَا النَّار مِنْ الْحَجَر , فَقَالَ : " وَالْعَادِيَات ضَبْحًا " . .. الْآيَات الْخَمْس . وَقَالَ أَهْل اللُّغَة : وَطَعْنَة ذَات رَشَاش وَاهِيهْ طَعَنْتهَا عِنْد صُدُور الْعَادِيَهْ يَعْنِي الْخَيْل . وَقَالَ آخَر : وَالْعَادِيَات أَسَابِيّ الدِّمَاء بِهَا كَأَنَّ أَعْنَاقهَا أَنْصَاب تَرْجِيب يَعْنِي الْخَيْل . وَقَالَ عَنْتَرَة : وَالْخَيْل تُعْلَم حِين تَضْ بَح فِي حِيَاض الْمَوْت ضَبْحًا وَقَالَ آخَر : لَسْت بِالتُّبَّعِ الْيَمَانِيّ إِنْ لَمْ تَضْبَح الْخَيْل فِي سَوَاد الْعِرَاق وَقَالَ أَهْل اللُّغَة : وَأَصْل الضَّبْح وَالضُّبَاح لِلثَّعَالِبِ ; فَاسْتُعِيرَ لِلْخَيْلِ . وَهُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب : ضَبَحَتْهُ النَّار : إِذَا غَيَّرَتْ لَوْنه وَلَمْ تُبَالِغ فِيهِ . وَقَالَ الشَّاعِر : فَلَمَّا أَنْ تَلَهْوَجْنَا شِوَاء بِهِ اللَّهَبَان مَقْهُورًا ضَبِيحًا وَانْضَبَحَ لَوْنه : إِذَا تَغَيَّرَ إِلَى السَّوَاد قَلِيلًا . وَقَالَ : عَلِقْتهَا قَبْل اِنْضِبَاح لَوْنِي وَإِنَّمَا تَضْبَح هَذِهِ الْحَيَوَانَات إِذَا تَغَيَّرَتْ حَالهَا مِنْ فَزَع وَتَعَب أَوْ طَمَع . وَنَصْب " ضَبْحًا " عَلَى الْمَصْدَر ; أَيْ وَالْعَادِيَات تَضْبَح ضَبْحًا . وَالضَّبْح أَيْضًا الرَّمَاد . وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ : " ضَبْحًا " نَصْب عَلَى الْحَال . وَقِيلَ : مَصْدَر فِي مَوْضِع الْحَال . قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : ضَبَحَتْ الْخَيْل ضَبْحًا مِثْل ضَبَعَتْ ; وَهُوَ السَّيْر . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : الضَّبْح وَالضَّبْع : بِمَعْنَى الْعَدْو وَالسَّيْر . وَكَذَا قَالَ الْمُبَرِّد : الضَّبْح مَدّ أَضْبَاعهَا فِي السَّيْر . وَرُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّة إِلَى أُنَاس مِنْ بَنِي كِنَانَة , فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ خَبَرهَا , وَكَانَ اِسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ الْمُنْذِر بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ , وَكَانَ أَحَد النُّقَبَاء ; فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : إِنَّهُمْ قُتِلُوا ; فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة إِخْبَارًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَلَامَتِهَا , وَبِشَارَة لَهُ بِإِغَارَتِهَا عَلَى الْقَوْم الَّذِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ . وَمِمَّنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَاد بِالْعَادِيَاتِ الْخَيْل , اِبْن عَبَّاس وَأَنَس وَالْحَسَن وَمُجَاهِد . وَالْمُرَاد الْخَيْل الَّتِي يَغْزُو عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُونَ . وَفِي الْخَبَر : ( مَنْ لَمْ يَعْرِف حُرْمَة فَرَس الْغَازِي , فَفِيهِ شُعْبَة مِنْ النِّفَاق ) . وَقَوْل ثَانٍ : أَنَّهَا الْإِبِل ; قَالَ مُسْلِم : نَازَعْت فِيهَا عِكْرِمَة فَقَالَ عِكْرِمَة : قَالَ اِبْن عَبَّاس هِيَ الْخَيْل . وَقُلْت : قَالَ عَلِيّ هِيَ الْإِبِل فِي الْحَجّ , وَمَوْلَايَ أَعْلَم مِنْ مَوْلَاك . وَقَالَ الشَّعْبِيّ : تَمَارَى عَلِيّ وَابْن عَبَّاس فِي " الْعَادِيَات " , فَقَالَ عَلِيّ : هِيَ الْإِبِل تَعْدُو فِي الْحَجّ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هِيَ الْخَيْل ; أَلَا تَرَاهُ يَقُول " فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا " [ الْعَادِيَات : 4 ] فَهَلْ تُثِير إِلَّا بِحَوَافِرِهَا ! وَهَلْ تَضْبَح الْإِبِل ! فَقَالَ عَلِيّ : لَيْسَ كَمَا قُلْت , لَقَدْ رَأَيْتنَا يَوْم بَدْر وَمَا مَعَنَا إِلَّا فَرَس أَبْلَق لِلْمِقْدَادِ , وَفَرَس لِمَرْثَد بْن أَبِي مَرْثَد ; ثُمَّ قَالَ لَهُ عَلِيّ : أَتُفْتِي النَّاس بِمَا لَا تَعْلَم ! وَاَللَّه إِنْ كَانَتْ لَأَوَّل غَزْوَة فِي الْإِسْلَام وَمَا مَعَنَا إِلَّا فَرَسَانِ : فَرَس لِلْمِقْدَادِ , وَفَرَس لِلزُّبَيْرِ ; فَكَيْف تَكُون الْعَادِيَات ضَبْحًا ! إِنَّمَا الْعَادِيَات الْإِبِل مِنْ عَرَفَة إِلَى الْمُزْدَلِفَة , وَمِنْ الْمُزْدَلِفَة إِلَى عَرَفَة . قَالَ اِبْن عَبَّاس : فَرَجَعْت إِلَى قَوْل عَلِيّ , وَبِهِ قَالَ اِبْن مَسْعُود وَعُبَيْد بْن عُمَيْر وَمُحَمَّد بْن كَعْب وَالسُّدِّيّ . وَمِنْهُ قَوْل صَفِيَّة بِنْت عَبْد الْمُطَّلِب : فَلَا وَالْعَادِيَات غَدَاة جَمْع بِأَيْدِيهَا إِذَا سَطَعَ الْغُبَار يَعْنِي الْإِبِل . وَسُمِّيَتْ الْعَادِيَات لِاشْتِقَاقِهَا مِنْ الْعَدْو , وَهُوَ تَبَاعُد الْأَرْجُل فِي سُرْعَة الْمَشْي . وَقَالَ آخَر : رَأَى صَاحِبِي فِي الْعَادِيَات نَجِيبَة وَأَمْثَالهَا فِي الْوَاضِعَات الْقَوَامِس وَمَنْ قَالَ هِيَ الْإِبِل فَقَوْله " ضَبْحًا " بِمَعْنَى ضَبْعًا ; فَالْحَاء عِنْده مُبْدَلَة مِنْ الْعَيْن ; لِأَنَّهُ يُقَال : ضَبَعَتْ الْإِبِل وَهُوَ أَنْ تَمُدّ أَعْنَاقهَا فِي السَّيْر . وَقَالَ الْمُبَرِّد : الضَّبْع مَدّ أَضْبَاعهَا فِي السَّيْر . وَالضَّبْح أَكْثَرهَا مَا يُسْتَعْمَل فِي الْخَيْل . وَالضَّبْع فِي الْإِبِل . وَقَدْ تُبَدَّل الْحَاء مِنْ الْعَيْن . أَبُو صَالِح : الضَّبْح مِنْ الْخَيْل : الْحَمْحَمَة , وَمِنْ الْإِبِل التَّنَفُّس . وَقَالَ عَطَاء : لَيْسَ شَيْء مِنْ الدَّوَابّ يَضْبَح إِلَّا الْفَرَس وَالثَّعْلَب وَالْكَلْب ; وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَهْل اللُّغَة أَنَّ الْعَرَب تَقُول : ضَبَحَ الثَّعْلَب ; وَضَبَحَ فِي غَيْر ذَلِكَ أَيْضًا . قَالَ تَوْبَة : وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الْأَخْيَلِيَّة سَلَّمَتْ عَلَيَّ وَدُونِي تُرْبَة وَصَفَائِح لَسَلَّمْت تَسْلِيم الْبَشَاشَة أَوْ زَقَا /و إِلَيْهَا صَدًى مِنْ جَانِب الْقَبْر ضَابِح زَقَا الصَّدَى يَزْقُو زُقَاء : أَيْ صَاحَ . وَكُلّ زَاقٍ صَائِح . وَالزَّقْيَة : الصَّيْحَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مختارات ولطائف

    مختارات ولطائف : فلا يزال الكتاب أفضل مؤنس وخير جليس، على رغم انتشار الملهيات ووسائل الإعلام الجذابة. ورغبة في تنوع مواضيع القراءة وجعلها سهلة ميسورة جمعت هذه المتفرقات؛ فتغني عن مجالس السوء، وتشغل أوقات الفراغ بما يفيد. تقرأ في السفر والحضر وفي المنازل وبين الأصحاب، وينال منها الشباب الحظ الأوفر حيث التنوع والاختصار.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/218469

    التحميل:

  • فضائل القرآن

    فضائل القرآن: قال المحقق - حفظه الله -: «فإن مصنفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - لا تزال بحاجةٍ إلى الدراسة والتحقيق والعناية، .. ثم رأيت أن أقوم بتحقيق كتابه: «فضائل القرآن الكريم». ومع أن كتب فضائل القرآن الكريم المؤلفة والمطبوعة كثيرة إلا أن كتاب الشيخ - رحمه الله تعالى - تميَّز بمنهجه المعروف وطريقته في الكتابة، وذلك بتصدير أغلب مباحثه بالآيات ثم الأحاديث المناسبة واختيار العناوين الملائمة والموضوعات المتميزة».

    المدقق/المراجع: فهد بن عبد الرحمن الرومي

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264162

    التحميل:

  • الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة

    الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة : يحتوي على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، قدم له معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144959

    التحميل:

  • الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

    الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «الزكاة في الإسلام» بينت فيها بإيجاز كل ما يحتاجه المسلم في زكاته, وقرنت كل مسألة بدليلها من الكتاب والسنة، ... وقد قسمت البحث إلى عدة مباحث على النحو الآتي: المبحث الأول: مفهوم الزكاة: لغة، وشرعًا. المبحث الثاني: منزلة الزكاة في الإسلام. المبحث الثالث: فوائد الزكاة وحِكَمِهَا. المبحث الرابع: حكم الزكاة في الإسلام. المبحث الخامس: شروط وجوب الزكاة. المبحث السادس: زكاة الدين. المبحث السابع: مسائل مهمة في الزكاة. المبحث الثامن: زكاة بهيمة الأنعام السائمة. المبحث التاسع: زكاة الخارج من الأرض. المبحث العاشر: زكاة الأثمان: الذهب والفضة والأوراق النقدية. المبحث الحادي عشر: زكاة عروض التجارة والأسهم والسندات. المبحث الثاني عشر: زكاة الفطر. المبحث الثالث عشر: مصارف الزكاة في الإسلام. المبحث الرابع عشر: صدقة التطوع في الإسلام».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193637

    التحميل:

  • السحر بين الماضي والحاضر

    السحر بين الماضي والحاضر: في هذا الكتاب بيان لموضوع السحر بشيءٍ من التيسير والإجمال، وعرض لما كان عليه في الماضي والحاضر، وذلك خلال الفصول التالية: الفصل الأول: مفهوم السحر، وأنواعه. الفصل الثاني: أحكام تتعلق بالسحر والسحرة. الفصل الثالث: حل السحر عن المسحور (النشرة). الفصل الرابع: أسباب انتشار السحر، وبطلان زيف السحرة. الفصل الخامس: السحر في العصر الحاضر والموقف من السحرة.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355728

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة