Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة هود - الآية 17

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ۚ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ۚ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (17) (هود) mp3
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ حَال الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى فِطْرَة اللَّه تَعَالَى الَّتِي فَطَرَ عَلَيْهَا عِبَادَهُ مِنْ الِاعْتِرَاف لَهُ بِأَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا " الْآيَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كُلّ مَوْلُود يُولَد عَلَى الْفِطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُولَد الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاء ؟ " الْحَدِيث وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عِيَاض بْن حَمَّاد عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يَقُول اللَّه تَعَالَى إِنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاء فَجَاءَتْهُمْ الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينهمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْت لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا " وَفِي الْمُسْنَد وَالسُّنَن" كُلّ مَوْلُود يُولَد عَلَى هَذِهِ الْمِلَّة حَتَّى يُعْرِب عَنْهُ لِسَانه " الْحَدِيث فَالْمُؤْمِن بَاقٍ عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَة وَقَوْله" وَيَتْلُوهُ شَاهِد مِنْهُ " أَيْ وَجَاءَهُ شَاهِد مِنْ اللَّه وَهُوَ مَا أَوْحَاهُ إِلَى الْأَنْبِيَاء مِنْ الشَّرَائِع الْمُطَهَّرَة الْمُكَمَّلَة الْمُعَظَّمَة الْمُخْتَتَمَة بِشَرِيعَةِ مُحَمَّد صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ لِهَذَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَأَبُو الْعَالِيَة وَالضَّحَّاك وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَالسُّدِّيّ وَغَيْر وَاحِد فِي قَوْله تَعَالَى " وَيَتْلُوهُ شَاهِد مِنْهُ " أَنَّهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَالْحَسَن وَقَتَادَة هُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكِلَاهُمَا قَرِيب فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ كُلًّا مِنْ جِبْرِيل وَمُحَمَّد صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمَا بَلَّغَ رِسَالَة اللَّه تَعَالَى فَجِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد وَمُحَمَّد إِلَى الْأُمَّة وَقِيلَ : هُوَ عَلِيّ وَهُوَ ضَعِيف لَا يَثْبُت لَهُ قَائِل , وَالْأَوَّل هُوَ الْحَقّ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِن عِنْده مِنْ الْفِطْرَة وَمَا يَشْهَد مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَة وَالتَّفَاصِيل تُؤْخَذ مِنْ الشَّرِيعَة وَالْفِطْرَة تُصَدِّقهَا وَتُؤْمِن بِهَا لِهَذَا قَالَ تَعَالَى " أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبّه وَيَتْلُوهُ شَاهِد مِنْهُ" وَهُوَ الْقُرْآن بَلَّغَهُ جِبْرِيل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَلَّغَهُ النَّبِيّ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمَّته ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَمِنْ قَبْله كِتَاب مُوسَى " أَيْ وَمِنْ قَبْل الْقُرْآن كِتَاب مُوسَى وَهُوَ التَّوْرَاة" إِمَامًا وَرَحْمَة " أَيْ أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى إِلَى تِلْكَ الْأُمَّة إِمَامًا لَهُمْ وَقُدْوَة يَقْتَدُونَ بِهَا وَرَحْمَة مِنْ اللَّه بِهِمْ فَمَنْ آمَنَ بِهَا حَقّ الْإِيمَان قَادَهُ ذَلِكَ إِلَى الْإِيمَان بِالْقُرْآنِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا لِمَنْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ " وَمَنْ يَكْفُر بِهِ مِنْ الْأَحْزَاب فَالنَّار مَوْعِده " أَيْ وَمَنْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ مِنْ سَائِر أَهْل الْأَرْض مُشْرِكهمْ وَكَافِرهمْ وَأَهْل الْكِتَاب وَغَيْرهمْ وَمِنْ سَائِر طَوَائِف بَنِي آدَم عَلَى اِخْتِلَاف أَلْوَانهمْ وَأَشْكَالهمْ وَأَجْنَاسهمْ مِمَّنْ بَلَغَهُ الْقُرْآن كَمَا قَالَ تَعَالَى " لِأُنْذَركُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ " وَقَالَ تَعَالَى " قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس إِنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " وَقَالَ تَعَالَى " وَمَنْ يَكْفُر بِهِ مِنْ الْأَحْزَاب فَالنَّار مَوْعِده " وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَع بِي أَحَد مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة يَهُودِيّ أَوْ نَصْرَانِيّ ثُمَّ لَا يُؤْمِن بِي إِلَّا دَخَلَ النَّار " وَقَالَ أَيُّوب السِّخْتِيَانِيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : كُنْت لَا أَسْمَع بِحَدِيثٍ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهه إِلَّا وَجَدْت مِصْدَاقه أَوْ قَالَ تَصْدِيقه فِي الْقُرْآن فَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا يَسْمَع بِي أَحَد مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ فَلَا يُؤْمِن بِي إِلَّا دَخَلَ النَّار " فَجَعَلْت أَقُول أَيْنَ مِصْدَاقه فِي كِتَاب اللَّه ؟ وَقَالَ وَقَلَّمَا سَمِعْت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَجَدْت لَهُ تَصْدِيقًا فِي الْقُرْآن حَتَّى وَجَدْت هَذِهِ الْآيَة " وَمَنْ يَكْفُر بِهِ مِنْ الْأَحْزَاب فَالنَّار مَوْعِده" قَالَ مِنْ الْمِلَل كُلّهَا وَقَوْله " فَلَا تَكُ فِي مِرْيَة مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّك " الْآيَة أَيْ الْقُرْآن حَقّ مِنْ اللَّه لَا مِرْيَة وَلَا شَكَّ فِيهِ قَالَ تَعَالَى " الم تَنْزِيل الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ " وَقَالَ تَعَالَى " الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ " وَقَوْله " وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس لَا يُؤْمِنُونَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَمَا أَكْثَر النَّاس وَلَوْ حَرَصْت بِمُؤْمِنِينَ " وَقَالَ تَعَالَى " وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَر مَنْ فِي الْأَرْض يُضِلُّوك عَنْ سَبِيل اللَّه " وَقَالَ تَعَالَى " وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • قطيعة الرحم .. المظاهر - الأسباب - سبل العلاج

    قطيعة الرحم : فإن قطيعة الرحم ذنب عظيم، وجرم جسيم، يفصم الروابط، ويقطع الشواجر، ويشيع العداوة والشنآن، ويحل القطيعة والهجران. وقطيعة الرحم مزيلة للألفة والمودة، مؤذنة باللعنة وتعجيل العقوبة، مانعة من نزول الرحمة ودخول الجنة، موجبة للتفرد والصغار والذلة. وهي- أيضا - مجلبة لمزيد الهم والغم؛ ذلك أن البلاء إذا أتاك ممن تنتظر منه الخير والبر والصلة- كان ذلك أشد وقعا، وأوجع مسا، وأحد حدا، وألذع ميسما. والحديث في الصفحات التالية سيتناول قطيعة الرحم، وذلك من خلال ما يلي: - تعريف قطيعة الرحم. - مظاهر قطيعة الرحم. - أسباب قطيعة الرحم. - علاج قطيعة الرحم. - ما صلة الرحم؟ - بأي شيء تكون الصلة؟ - فضائل صلة الرحم. - الأمور المعينة على صلة الرحم.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117067

    التحميل:

  • زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه

    زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن مكانة الإيمان العالية ومنزلته الرفيعة غيرُ خافيةٍ على المسلمين، فهو أجلُّ المقاصد وأنبلها، وأعظم الأهداف وأرفعها، وبه ينالُ العبدُ سعادةَ الدنيا والآخرة، ويظفَر بنَيْل الجنَّة ورِضَى الله - عز وجل -، وينجو من النار وسخط الجبار - سبحانه -.». وهذه الرسالة تحدَّث فيها عن مسألتين من أكبر مسائل الإيمان، وهما: زيادة الإيمان ونقصانه، وحكم الاستثناء فيه.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344687

    التحميل:

  • تعزية أصحاب المصائب

    تعزية أصحاب المصائب: من سعيد بن علي بن وهف القحطاني إلى فضيلة الشيخ أحمد الحواشي وزوجته أم أنس وتسنيم وجميع أسرته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد بلغني إحراق جامعكم ومكتبتكم وبيتكم، ووفاة ولديكم، فآلمني كثيراً، وقد اتصلت بكم مع الناس وعزيتكم، ولكن هذه تعزية خاصة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193671

    التحميل:

  • خطبة الجمعة في الكتاب والسنة

    خطبة الجمعة في الكتاب والسنة : هذا البحث يتكون من تمهيد وخمسة فصول وخاتمة وذلك على النحو التالي: - تمهيد: حول مكانة الجمعة في الإسلام. الفصل الأول: الخطبة في الإسلام ويشتمل على مبحثين: - الفصل الثاني: خطبة الجمعة في القرآن الكريم. الفصل الثالث: خطبة الجمعة في السنة الشريفة المطهرة ويشتمل على عدة مباحث: - الفصل الرابع. مسائل فقهية تتعلق بالخطبة. الفصل الخامس: همسات في أذن خطيب الجمعة وتنبيهات ومقترحات. هذا وقد تمت كتابة هذا البحث المتواضع بناء على تكليف من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للمشاركة في الملتقى الأول للأئمة والخطباء في المملكة.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/142655

    التحميل:

  • أعمال القلوب [ المحاسبة ]

    أعمال القلوب [ المحاسبة ]: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن محاسبة النفس طريقة المؤمنين، وسمة الموحدين، وعنوان الخاشعين، فالمؤمنُ مُتَّقٍ لربه، مُحاسِبٌ لنفسه مُستغفِرٌ لذنبه، يعلم أن النفس خطرها عظيم، وداؤها وخيم، ومكرها كبير، وشرها مستطير ... ولذا ينبغي على العبد أن يزِنَ نفسَه قبل أن يُوزَن، ويُحاسِبها قبل أن يُحاسَب، ويتزيَّن ويتهيَّأ للعرض على الله. وسنتطرَّق في هذا الكتيب لبيان بعض ما قيل في مُحاسَبة الإنسان لنفسه».

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355753

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة