Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الإسراء - الآية 29

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29) (الإسراء) mp3
يَقُول تَعَالَى آمِرًا بِالِاقْتِصَادِ فِي الْعَيْش ذَامًّا لِلْبُخْلِ نَاهِيًا عَنْ السَّرَف " وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك " أَيْ لَا تَكُنْ بَخِيلًا مَنُوعًا لَا تُعْطِي أَحَدًا شَيْئًا كَمَا قَالَتْ الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه يَد اللَّه مَغْلُولَة أَيْ نَسَبُوهُ إِلَى الْبُخْل تَعَالَى وَتَقَدَّسَ الْكَرِيم الْوَهَّاب وَقَوْله : " وَلَا تَبْسُطهَا كُلّ الْبَسْط " أَيْ وَلَا تُسْرِف فِي الْإِنْفَاق فَتُعْطِي فَوْق طَاقَتك وَتُخْرِج أَكْثَر مِنْ دَخْلك فَتَقْعُد مَلُومًا مَحْسُورًا وَهَذَا مِنْ بَاب اللَّفّ وَالنَّشْر أَيْ فَتَقْعُد إِنْ بَخِلْت مَلُومًا يَلُومك النَّاس وَيَذُمُّونَك وَيَسْتَغْنُونَ عَنْك كَمَا قَالَ زُهَيْر بْن أَبِي سُلْمَى فِي الْمُعَلَّقَة. وَمَنْ كَانَ ذَا مَال فَيَبْخَل بِمَالِهِ عَلَى قَوْمه يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَمِ وَمَتَى بَسَطْت يَدك فَوْق طَاقَتك قَعَدْت بِلَا شَيْء تُنْفِقهُ فَتَكُون كَالْحَسِيرِ وَهُوَ الدَّابَّة الَّتِي قَدْ عَجَزَتْ عَنْ السَّيْر فَوَقَفَتْ ضَعْفًا وَعَجْزًا فَإِنَّهَا تُسَمَّى الْحَسِير وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ الْكَلَال كَمَا قَالَ " فَارْجِعْ الْبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فَطُور ثُمَّ اِرْجِعْ الْبَصَر كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا وَهُوَ حَسِير " أَيْ كَلِيل عَنْ أَنْ يَرَى عَيْبًا هَكَذَا فَسَّرَ هَذِهِ الْآيَة بِأَنَّ الْمُرَاد هُنَا الْبُخْل وَالسَّرَف : اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَابْن جُرَيْج وَابْن زَيْد وَغَيْرهمْ وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " مَثَل الْبَخِيل وَالْمُنْفِق كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيد مِنْ ثُدِيّهمَا إِلَى تَرَاقِيهمَا فَأَمَّا الْمُنْفِق فَلَا يُنْفِق إِلَّا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْده حَتَّى تُخْفِي بَنَانه وَتَعْفُو أَثَره وَأَمَّا الْبَخِيل فَلَا يُرِيد أَنْ يُنْفِق شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلّ حَلْقَة مَكَانهَا فَهُوَ يُوَسِّعهَا فَلَا تَتَّسِع " هَذَا لَفْظ الْبُخَارِيّ فِي الزَّكَاة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ زَوْجَته فَاطِمَة بِنْت الْمُنْذِر عَنْ جَدَّتهَا أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنْفِقِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَلَا تُوعِي فَيُوعِي اللَّه عَلَيْك وَلَا تُوكِي فَيُوكِي اللَّه عَلَيْك " وَفِي لَفْظ " وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِي اللَّه عَلَيْك " وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه قَالَ أَنْفِقْ أُنْفِق عَلَيْك " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيق مُعَاوِيَة بْن أَبِي مُزَرِّد عَنْ سَعِيد بْن يَسَار عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا مِنْ يَوْم يُصْبِح الْعِبَاد فِيهِ إِلَّا وَمَلَكَانِ يَنْزِلَانِ مِنْ السَّمَاء يَقُول أَحَدهمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُول الْآخَر اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " وَرَوَى مُسْلِم عَنْ قُتَيْبَة عَنْ إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر عَنْ الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " مَا نَقَصَ مَال مِنْ صَدَقَة وَمَا زَادَ اللَّه عَبْدًا أَنْفَقَ إِلَّا عِزًّا وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّه " وَفِي حَدِيث أَبِي كَثِير عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر مَرْفُوعًا " إِيَّاكُمْ وَالشُّحّ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا " وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيق سَعْدَان بْن نَصْر عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا يُخْرِج رَجُل صَدَقَة حَتَّى يَفُكّ لِحَيٍّ سَبْعِينَ شَيْطَانًا " . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَة الْحَدَّاد حَدَّثَنَا سُكَيْن بْن عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم الْهَجَرِيّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا عَالَ مَنْ اِقْتَصَدَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • حديث: «مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم» دراسة حديثية دعوية

    حديث: «مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم» دراسة حديثية دعوية: في هذه الرسالة دراسة لهذا الحديث فهمًا، واستنباطًا للأحكام القيمة، والدروس النافعة بقدر المستطاع، ليكون دليلاً وهاديًا لكل مسلم، وبالأخص لكل داعيةٍ يريد سلوك صراط الله تعالى على فهمٍ وبصيرةٍ.

    الناشر: شبكة السنة النبوية وعلومها www.alssunnah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330178

    التحميل:

  • اصبر واحتسب

    اصبر واحتسب: قال المصنف - حفظه الله -: «في هذه الدنيا سهام المصائب مُشرعة ورماح البلاء مُعدةً مرسلة.. فإننا في دار ابتلاء وامتحان ونكد وأحزان. وقد بلغ الضعف والوهن ببعضنا إلى التجزع والتسخط من أقدار الله.. فأضحى الصابرون الشاكرون الحامدون هم القلة القليلة. وهذا هو الجزء الرابع من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» نرى فيه كيف كان رضا وصبر وشكر من كانوا قبلنا وقد ابتُلِي بعضهم بأشد مما يُصيبنا. وهذا الكتاب فيه تعزية للمُصاب وتسلية للمُبتلى وإعانة على الصبر والاحتساب».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229619

    التحميل:

  • الإسلام والمرأة

    الإسلام والمرأة: تحتوي هذه الرسالة على ستِّ مقالاتٍ حول المرأة في الإسلام، وهي: 1- ميراث المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى. 2- الرد على شبهة تحريم زواج المسلمة من غير المسلم. 3- الرد على شبهة فتنة المرأة، ومعنى أنها تُقبِل في صورة شيطان. 4- تعدد الزوجات في الإسلام والديانات الأخرى. 5- الرد على شبهة أن ميراثَ الأُنثى نصف ميراث الذكر. 6- الرد على شبهة صوت المرأة عورة، ومعنى أنها خُلِقت من ضلعٍ أعوج.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381129

    التحميل:

  • إني رزقت حبها [ السيرة العطرة لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ]

    إني رزقت حبها [ السيرة العطرة لأم المؤمنين خديجة ]: يعرِض المؤلِّف في هذا الكتاب بعض جوانب العظمة في سيرة أم المؤمنين السيدة خديجة - رضي الله عنها -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/260214

    التحميل:

  • رمضانيات مسلمة

    فإن المتأمل لحال المسلمين اليوم في تعاملهم مع أيام رمضان ولياليه لتملكه الدهشة ويغلبه الحزن؛ حيث يشاهد ويسمع ما لا يرضي الله سبحانه من ترك فرض...أو فعل محرم، أو تفريط في فرص الخير وتضييع لها؛ حتى تغيرت المفاهيم الإسلامية عند بعض المسلمين، وجهل بعضهم الآخر أشياء من واجباته نحو نفسه وأهله في رمضان؛ لذا كانت هذه الرسالة والتي تحتوي على نصائح وتوجيهات للمرأة المسلمة للفوز بهذا الشهر المبارك.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/354882

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة