Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الكهف - الآية 21

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا (21) (الكهف) mp3
يَقُول تَعَالَى " وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ " أَيْ أَطْلَعْنَا عَلَيْهِمْ النَّاس " لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْد اللَّه حَقّ وَأَنَّ السَّاعَة لَا رَيْب فِيهَا " ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف أَنَّهُ كَانَ قَدْ حَصَلَ لِأَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَان شَكّ فِي الْبَعْث وَفِي أَمْر الْقِيَامَة وَقَالَ عِكْرِمَة : كَانَ مِنْهُمْ طَائِفَة قَدْ قَالُوا تُبْعَث الْأَرْوَاح وَلَا تُبْعَث الْأَجْسَاد فَبَعَثَ اللَّه أَهْل الْكَهْف حُجَّة وَدَلَالَة وَآيَة عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَحَدهمْ الْخُرُوج لِيَذْهَب إِلَى الْمَدِينَة فِي شِرَاء شَيْء لَهُمْ لِيَأْكُلُوهُ تَنَكَّرَ وَخَرَجَ يَمْشِي فِي غَيْر الْجَادَّة حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى الْمَدِينَة وَذَكَرُوا أَنَّ اِسْمهَا دقسوس وَهُوَ يَظُنّ أَنَّهُ قَرِيب الْعَهْد بِهَا وَكَانَ النَّاس قَدْ تَبَدَّلُوا قَرْنًا بَعْد قَرْن وَجِيلًا بَعْد جِيل وَأُمَّة بَعْد أُمَّة وَتَغَيَّرَتْ الْبِلَاد وَمَنْ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَمَّا الدِّيَار فَإِنَّهَا كَدِيَارِهِمْ وَأَرَى رِجَال الْحَيّ غَيْر رِجَاله فَجَعَلَ لَا يَرَى شَيْئًا مِنْ مَعَالِم الْبَلَد الَّتِي يَعْرِفهَا وَلَا يَعْرِف أَحَدًا مِنْ أَهْلهَا لَا خَوَاصّهَا وَلَا عَوَامّهَا فَجَعَلَ يَتَحَيَّر فِي نَفْسه وَيَقُول : لَعَلَّ بِي جُنُونًا أَوْ مَسًّا أَوْ أَنَا حَالِم وَيَقُول : وَاَللَّه مَا بِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّ عَهْدِي بِهَذِهِ الْبَلْدَة عَشِيَّة أَمْس عَلَى غَيْر هَذِهِ الصِّفَة ثُمَّ قَالَ : إِنَّ تَعْجِيل الْخُرُوج مِنْ هَاهُنَا لَأَوْلَى لِي ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَجُل مِمَّنْ يَبِيع الطَّعَام فَدَفَعَ إِلَيْهِ مَا مَعَهُ مِنْ النَّفَقَة وَسَأَلَهُ أَنْ يَبِيعهُ بِهَا طَعَامًا فَلَمَّا رَآهَا ذَلِكَ الرَّجُل أَنْكَرَهَا وَأَنْكَرَ ضَرْبهَا فَدَفَعَهَا إِلَى جَاره وَجَعَلُوا يَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنهمْ وَيَقُولُونَ لَعَلَّ هَذَا وَجَدَ كَنْزًا فَسَأَلُوهُ عَنْ أَمْره وَمِنْ أَيْنَ لَهُ هَذِهِ النَّفَقَة لَعَلَّهُ وَجَدَهَا مِنْ كَنْز وَمِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَجَعَلَ يَقُول أَنَا مِنْ أَهْل هَذِهِ الْبَلْدَة وَعَهْدِي بِهَا عَشِيَّة أَمْس وَفِيهَا دِقْيَانُوس فَنَسَبُوهُ إِلَى الْجُنُون فَحَمَلُوهُ إِلَى وَلِيّ أَمْرهمْ فَسَأَلَهُ عَنْ شَأْنه وَخَبَره حَتَّى أَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِهِ وَهُوَ مُتَحَيِّر فِي حَاله وَمَا هُوَ فِيهِ فَلَمَّا أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ قَامُوا مَعَهُ إِلَى الْكَهْف - مَلِك الْبَلَد وَأَهْلهَا - حَتَّى اِنْتَهَى بِهِمْ إِلَى الْكَهْف فَقَالَ لَهُمْ : دَعُونِي حَتَّى أَتَقَدَّمكُمْ فِي الدُّخُول لِأُعْلِم أَصْحَابِي فَدَخَلَ فَيُقَال إِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ كَيْف ذَهَبَ فِيهِ وَأَخْفَى اللَّه عَلَيْهِمْ خَبَرهمْ وَيُقَال بَلْ دَخَلُوا عَلَيْهِمْ وَرَأَوْهُمْ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ الْمَلِك وَاعْتَنَقَهُمْ وَكَانَ مُسْلِمًا فِيمَا قِيلَ وَاسْمه يندوسيس فَفَرِحُوا بِهِ وَآنَسُوهُ بِالْكَلَامِ ثُمَّ وَدَّعُوهُ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَعَادُوا إِلَى مَضَاجِعهمْ وَتَوَفَّاهُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَاَللَّه أَعْلَم . قَالَ قَتَادَة : غَزَا اِبْن عَبَّاس مَعَ حَبِيب بْن مَسْلَمَة فَمَرُّوا بِكَهْفٍ فِي بِلَاد الرُّوم فَرَأَوْا فِيهِ عِظَامًا فَقَالَ قَائِل : هَذِهِ عِظَام أَهْل الْكَهْف فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامهمْ مِنْ أَكْثَر مِنْ ثَلَثمِائَةِ سَنَة رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَقَوْله " وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ " أَيْ كَمَا أَرْقَدْنَاهُمْ وَأَيْقَظْنَاهُمْ بِهَيْئَاتِهِمْ أَطْلَعْنَا عَلَيْهِمْ أَهْل ذَلِكَ الزَّمَان " لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْد اللَّه حَقّ وَأَنَّ السَّاعَة لَا رَيْب فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنهمْ أَمْرهمْ " أَيْ فِي أَمْر الْقِيَامَة فَمِنْ مُثْبِت لَهَا وَمِنْ مُنْكِر فَجَعَلَ اللَّه ظُهُورهمْ عَلَى أَصْحَاب الْكَهْف حُجَّة لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ " فَقَالُوا اِبْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبّهمْ أَعْلَم بِهِمْ " أَيْ سُدُّوا عَلَيْهِمْ بَاب كَهْفهمْ وَذَرُوهُمْ عَلَى حَالهمْ " قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرهمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا " حَكَى اِبْن جَرِير فِي الْقَائِلِينَ ذَلِكَ قَوْلَيْنِ " أَحَدهمَا " إِنَّهُمْ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ " وَالثَّانِي " أَهْل الشِّرْك مِنْهُمْ فَاَللَّه أَعْلَم وَالظَّاهِر أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ هُمْ أَصْحَاب الْكَلِمَة وَالنُّفُوذ وَلَكِنْ هَلْ هُمْ مَحْمُودُونَ أَمْ لَا ؟ فِيهِ نَظَر لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَعَنَ اللَّه الْيَهُود وَالنَّصَارَى اِتَّخَذُوا قُبُور أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِد " يُحَذِّر مَا فَعَلُوا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا وَجَدَ قَبْر دَانْيَال فِي زَمَانه بِالْعِرَاقِ أَمَرَ أَنْ يُخْفَى عَنْ النَّاس وَأَنْ تُدْفَن تِلْكَ الرُّقْعَة الَّتِي وَجَدُوهَا عِنْده فِيهَا شَيْء مِنْ الْمَلَاحِم وَغَيْرهَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • قل مع الكون لا إله إلا الله

    قال المؤلف: تمهيد في تاريخ الشرك والتوحيد: إن الله - سبحانه - قد خلق العباد جميعًا مسلمين موحِّدين لله - سبحانه -، ولكن الشياطين جاءتهم فبدلت لهم دينهم وأفسدت إيمانهم. قال تعالى في الحديث القدسى: «خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين اجتالتهم عن دينهم وحرَّمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا»، فكلما وقع الناس في نوع من الشرك بعث الله إليهم أنبياءه بما يناسبه من أنواع التوحيد.

    الناشر: موقع معرفة الله http://knowingallah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/370720

    التحميل:

  • درر من كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى والمستدرك عليه

    في هذا الكتاب مقتطفات من كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى والمستدرك عليه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229628

    التحميل:

  • دموع المآذن [ القاسم ]

    دموع المآذن: قال المصنف - حفظه الله -: «رسائل كثيرة كتبت.. وصداقات كثيرة انقطعت.. بقيت ثلاث رسائل... وبقيت محبة خالصة.. تقويها روابط الإسلام وتشدها وشائج الإيمان. يسقيها الصدق من منبعه والوفاء من معينه. ثلاث رسائل كتبت بصدق.. وحفظها الزمن.. تنثر بين يدي القارئ.. فلربما كان بحاجة إليها.. تقيل العثرة وتنير الطريق».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229609

    التحميل:

  • الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم

    الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم: في هذا الكتاب بيان معنى الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحُكمها، وكيفيتها، وفضلها، وفضل زيارة قبره ومسجده - عليه الصلاة والسلام -، وذكر آداب دخول المسجد كما وردت في كتب السنن.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385233

    التحميل:

  • هذه مفاهيمنا

    هذه مفاهيمنا : رسالة رد فيها المصنف - حفظه الله تعالى - على كتاب مفاهيم ينبغي أن تصحح لمحمد بن علوي المالكي.

    الناشر: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالرياض http://www.alifta.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/167485

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة