Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النور - الآية 23

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) (النور) mp3
هَذَا وَعِيد مِنْ اللَّه تَعَالَى لِلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب فَأُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى بِالدُّخُولِ فِي هَذَا مِنْ كُلّ مُحْصَنَة وَلَا سِيَّمَا الَّتِي كَانَتْ سَبَب النُّزُول وَهِيَ عَائِشَة بِنْت الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه قَاطِبَة عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّهَا بَعْد هَذَا وَرَمَاهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ بَعْد هَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَة فَإِنَّهُ كَافِر لِأَنَّهُ مُعَانِد لِلْقُرْآنِ وَفِي بَقِيَّة أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَانِ : أَصَحّهمَا أَنَّهُنَّ كَهِيَ وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله تَعَالَى" لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة " . الْآيَة كَقَوْلِهِ " إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّه وَرَسُوله " الْآيَة . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى أَنَّهَا خَاصَّة بِعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن حِرَاش عَنْ الْعَوَّام عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي الْآيَة " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات " قَالَ نَزَلَتْ فِي عَائِشَة خَاصَّة وَكَذَا قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَمُقَاتِل بْن حَيَّان . وَقَدْ ذَكَرَهُ اِبْن جَرِير عَنْ عَائِشَة فَقَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُمْدَة الضَّبِّيّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَة عَنْ عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : رُمِيت بِمَا رُمِيت بِهِ وَأَنَا غَافِلَة فَبَلَغَنِي بَعْد ذَلِكَ قَالَتْ فَبَيْنَا رَسُول اللَّه جَالِس عِنْدِي إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ قَالَتْ وَكَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَخَذَهُ كَهَيْئَةِ السُّبَات وَإِنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ وَهُوَ جَالِس عِنْدِي ثُمَّ اِسْتَوَى جَالِسًا يَمْسَح عَلَى وَجْهه وَقَالَ " يَا عَائِشَة أَبْشِرِي " قَالَتْ فَقُلْت بِحَمْدِ اللَّه لَا بِحَمْدِك فَقَرَأَ " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات - حَتَّى بَلَغَ - أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَة وَرِزْق كَرِيم " هَكَذَا أَوْرَدَهُ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْحُكْم خَاصّ بِهَا وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهَا سَبَب النُّزُول دُون غَيْرهَا وَإِنْ كَانَ الْحُكْم يَعُمّهَا كَغَيْرِهَا وَلَعَلَّهُ مُرَاد اِبْن عَبَّاس وَمَنْ قَالَ كَقَوْلِهِ وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ الضَّحَّاك وَأَبُو الْجَوْزَاء وَسَلَمَة بْن نُبَيْط : الْمُرَاد بِهَا أَزْوَاج النَّبِيّ خَاصَّة دُون غَيْرهنَّ مِنْ النِّسَاء وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي الْآيَة " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات " الْآيَة يَعْنِي أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَاهُنَّ أَهْل النِّفَاق فَأَوْجَبَ اللَّه لَهُمْ اللَّعْنَة وَالْغَضَب وَبَاءُوا بِسَخَطٍ مِنْ اللَّه فَكَانَ ذَلِكَ فِي أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَزَلَ بَعْد ذَلِكَ " وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء - إِلَى قَوْله - فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم " فَأَنْزَلَ اللَّه الْجَلْد وَالتَّوْبَة فَالتَّوْبَة تُقْبَل وَالشَّهَادَة تُرَدّ . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا الْقَاسِم حَدَّثَنَا الْحُسَيْن حَدَّثَنَا هُشَيْم أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب عَنْ شَيْخ مِنْ بَنِي أَسَد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ فَسَّرَ سُورَة النُّور فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات " الْآيَة قَالَ فِي شَأْن عَائِشَة وَأَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مُبْهَمَة وَلَيْسَتْ لَهُمْ تَوْبَة ثُمَّ قَرَأَ " وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء - إِلَى قَوْله - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْد ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا " الْآيَة قَالَ فَجَعَلَ لِهَؤُلَاءِ تَوْبَة وَلَمْ يَجْعَل لِمَنْ قَذَفَ أُولَئِكَ تَوْبَة قَالَ فَهَمَّ بَعْض الْقَوْم أَنْ يَقُوم إِلَيْهِ فَيُقَبِّل رَأْسه مِنْ حُسْن مَا فَسَّرَ بِهِ سُورَة النُّور فَقَوْله وَهِيَ مُبْهَمَة أَيْ عَامَّة فِي تَحْرِيم قَذْف كُلّ مُحْصَنَة وَلَعْنَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَهَكَذَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم هَذَا فِي عَائِشَة وَمَنْ صَنَعَ مِثْل هَذَا أَيْضًا الْيَوْم فِي الْمُسْلِمَات فَلَهُ مَا قَالَ اللَّه تَعَالَى وَلَكِنَّ عَائِشَة كَانَتْ أُمًّا فِي ذَلِكَ . وَقَدْ اِخْتَارَ اِبْن جَرِير عُمُومهَا وَهُوَ الصَّحِيح وَيَعْضُد الْعُمُوم مَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَخِي وَهْب حَدَّثَنِي عَمِّي حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن بِلَال عَنْ ثَوْر بْن زَيْد عَنْ أَبِي الْغَيْث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " اِجْتَنِبُوا السَّبْع الْمُوبِقَات " قِيلَ وَمَا هُنَّ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ " الشِّرْك بِاَللَّهِ وَالسِّحْر وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْل الرِّبَا وَأَكْل مَال الْيَتِيم وَالتَّوَلِّي يَوْم الزَّحْف وَقَذْف الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان بْن بِلَال بِهِ وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر أَبِي خَالِد الطَّائِيّ الْمُحَرَّمِيّ حَدَّثَنِي أَبِي وَحَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْب الْحَرَّانِيّ حَدَّثَنَا جَدِّي أَحْمَد بْن أَبِي شُعَيْب حَدَّثَنِي مُوسَى بْن أَعْيَن عَنْ لَيْث عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ صِلَة بْن زُفَر عَنْ حُذَيْفَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " قَذْف الْمُحْصَنَة يَهْدِم عَمَل مِائَة سَنَة " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • نور الشيب وحكم تغييره في ضوء الكتاب والسنة

    نور الشيب وحكم تغييره في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنِّف: «فهذه كلمات مختصرة بيّنتُ فيها بإيجاز فضل من شاب شيبة في الإسلام، وأوردت الأحاديث التي جاءت تبيّن حكم صبغ الشيب بالسواد، وبالحناء مع الكتم، وبالصفرة، وذكرت بعض أقوال أهل العلم في ذلك؛ ليتبيّن الحق لطالبه؛ وليتضح أنه لا قول لأحد من الناس مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن سنته أحق بالاتباع، ولو خالفها من خالفها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1918

    التحميل:

  • المنهج في التعامل مع المنتكسين

    المنهج في التعامل مع المنتكسين : فقد كثرت طرق الانتكاس، وقلت معرفة الناس بطرق التعامل معها وأنواعها، وفي هذا الكتاب تجلية وإبراز لهذه المسألة.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166819

    التحميل:

  • الكذب

    الكذب: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من سبر أحوال غالب الناس اليوم ، وجد بضاعتهم في الحديث «الكذب»، وهم يرون أن هذا من الذكاء والدهاء وحسن الصنيع، بل ومن مميزات الشخصية المقتدرة. ولقد نتج عن هذا الأمر عدم الثقة بالناس حتى إن البعض لا يثق بأقرب الناس إليه، لأن الكذب ديدنه ومغالطة الأمور طريقته. وهذا الكتيب هو الثالث من «رسائل التوبة» يتحدث عن الكذب: أدلة تحريمه، وأسبابه، وعلاجه. وفيه مباحث لطيفة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/345925

    التحميل:

  • مسند أحمد بن حنبل

    مسند أحمد: في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى المعلومة من مسند الإمام أحمد بن حنبل، والذي يعد أضخم كتاب حديثي مسند جمع السنة المطهرة، مع رسوخ مؤلفه في السنة المطهرة وعلو أسانيده، وشدة حرصه في انتخابه. والمسند هو: الكتاب الذي روى مؤلفه فيه أحاديث كل صحابي على حدة. وقد بدأت عناية أهل العلم بتأليف المسانيد في أوائل عصر تدوين السنة في أواخر القرن الثاني الهجري، وكانت بداية تأليف الإمام أحمد لمسنده بعد عودته من رحلته إلى الإمام عبد الرزاق الصنعاني في اليمن - ت211هـ - قاله ابنه عبد الله. وعدد أحاديثه ثلاثون ألفاً قاله ابن المُنادى، وهذا باطراح المكرر وزيادات ابنه عبد الله؛ لأنه معها يصل إلى أربعين ألفاً. قال ابن عساكر: "يبلغ عدد أحاديثه ثلاثين ألفاً سوى المعاد وغير ما ألحق به ابنه عبد الله من عالي الإسناد "، وقال الحسيني: "وجملة أحاديثه أربعون ألفاً بالمكرر مما رواه عنه ابنه الحافظ أبو عبد الرحمن: عبد الله، وفيه من زياداته "

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/140685

    التحميل:

  • الإفصاح عما زادَته الدرَّة على الشاطبية

    الإفصاح عما زادَته الدرَّة على الشاطبية: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «بدا لي أثناء تصنيفي كتاب: «التذكرة في القراءات الثلاث المُتواتِرة وتوجيهها» أن أجمعَ الكلماتِ التي زادَتها الدرَّة على الشاطبية، وبعد أن انتهيتُ من ذلك فكَّرتُ مليًّا في أن أُفرِد مُصنَّفًا خاصًّا أُضمِّنُه تلك الزيادات كي يكون مرجِعًا للمُشتغلين بعلومِ القراءات؛ حيث لم يُوجَد هناك مُصنِّف حذَا هذا الحَذو، وقد سمَّيتُه: «الإفصاح عما زادَته الدرَّة على الشاطبية». ومعنى ذلك: أنني لن أذكُر إلا القراءات التي لم يقرأ بها أحدٌ من الأئمة السبعة ولا رُواتهم من طريق الشاطبية».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384389

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة