Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النور - الآية 55

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) (النور) mp3
هَذَا وَعْد مِنْ اللَّه تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سَيَجْعَلُ أُمَّته خُلَفَاء الْأَرْض أَيْ أَئِمَّة النَّاس وَالْوُلَاة عَلَيْهِمْ وَبِهِمْ تَصْلُح الْبِلَاد وَتَخْضَع لَهُمْ الْعِبَاد ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْد خَوْفهمْ أَمْنًا وَحُكْمًا فِيهِمْ وَقَدْ فَعَلَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَهُ الْحَمْد وَالْمِنَّة : فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ مَكَّة وَخَيْبَر وَالْبَحْرَيْنِ وَسَائِر جَزِيرَة الْعَرَب وَأَرْض الْيَمَن بِكَمَالِهَا وَأَخَذَ الْجِزْيَة مِنْ مَجُوس هَجَر وَمِنْ بَعْض أَطْرَاف الشَّام وَهَادَاهُ هِرَقْل مَلِك الرُّوم وَصَاحِب مِصْر وَإِسْكَنْدَرِيَّة وَهُوَ الْمُقَوْقَس وَمُلُوك عَمَّان وَالنَّجَاشِيّ مَلِك الْحَبَشَة الَّذِي تَمَلَّكَ بَعْد أصحمة رَحِمَهُ اللَّه وَأَكْرَمَهُ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَارَ اللَّه لَهُ مَا عِنْده مِنْ الْكَرَامَة قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْده خَلِيفَته أَبُو بَكْر الصِّدِّيق فَلَمَّ شُعْث مَا وَهَى بَعْد مَوْته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ جَزِيرَة الْعَرَب وَمَهَّدَهَا وَبَعَثَ جُيُوش الْإِسْلَام إِلَى بِلَاد فَارِس صُحْبَة خَالِد بْن الْوَلِيد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَفَتَحُوا طَرَفًا مِنْهَا وَقَتَلُوا خَلْقًا مِنْ أَهْلهَا وَجَيْشًا آخَر صُحْبَة أَبِي عُبَيْدَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَمَنْ أَتْبَعهُ مِنْ الْأُمَرَاء إِلَى أَرْض الشَّام وَثَالِثًا صُحْبَة عَمْرو بْن الْعَاص رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِلَى بِلَاد مِصْر فَفَتَحَ اللَّه لِلْجَيْشِ الشَّامِيّ فِي أَيَّامه بُصْرَى وَدِمَشْق وَمَخَالِيفهمَا مِنْ بِلَاد حَوْرَان وَمَا وَالَاهَا وَتَوَفَّاهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَاخْتَارَ لَهُ مَا عِنْده مِنْ الْكَرَامَة وَمَنَّ عَلَى أَهْل الْإِسْلَام بِأَنْ أَلْهَمَ الصِّدِّيق أَنْ يَسْتَخْلِف عُمَر الْفَارُوق فَقَامَ بِالْأَمْرِ بَعْده قِيَامًا تَامًّا لَمْ يُدِرْ الْفُلْك بَعْد الْأَنْبِيَاء عَلَى مِثْله فِي قُوَّة سِيرَته وَكَمَال عَدْله وَتَمَّ فِي أَيَّامه فَتْح الْبِلَاد الشَّامِيَّة بِكَمَالِهَا وَدِيَار مِصْر إِلَى آخِرهَا وَأَكْثَر إِقْلِيم فَارِس وَكَسَرَ كِسْرَى وَأَهَانَهُ غَايَة الْهَوَان وَتَقَهْقَرَ إِلَى أَقْصَى مَمْلَكَته وَقَصَرَ قَيْصَر وَانْتَزَعَ يَده عَنْ بِلَاد الشَّام وَانْحَدَرَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَأَنْفَقَ أَمْوَالهمَا فِي سَبِيل اللَّه كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَوَعَدَ بِهِ رَسُول اللَّه ; عَلَيْهِ مِنْ رَبّه أَتَمّ سَلَام وَأَزْكَى صَلَاة ; ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ الدَّوْلَة الْعُثْمَانِيَّة اِمْتَدَّتْ الْمَمَالِك الْإِسْلَامِيَّة إِلَى أَقْصَى مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا ; فَفُتِحَتْ بِلَاد الْمَغْرِب إِلَى أَقْصَى مَا هُنَالِكَ الْأَنْدَلُس وَقُبْرُص ; وَبِلَاد الْقَيْرَوَان وَبِلَاد سِبْتَة مِمَّا يَلِي الْبَحْر الْمُحِيط وَمِنْ نَاحِيَة الْمَشْرِق إِلَى أَقْصَى بِلَاد الصِّين ; وَقُتِلَ كِسْرَى وَبَادَ مُلْكه بِالْكُلِّيَّةِ ; وَفُتِحَتْ مَدَائِن الْعِرَاق وَخُرَاسَان وَالْأَهْوَاز وَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ التُّرْك مَقْتَلَة عَظِيمَة جِدًّا ; وَخَذَلَ اللَّه مَلِكهمْ الْأَعْظَم خَاقَان وَجُبِيَ الْخَرَاج مِنْ الْمَشَارِق وَالْمَغَارِب إِلَى حَضْرَة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَذَلِكَ بِبَرَكَةِ تِلَاوَته وَدِرَاسَته وَجَمْعه الْأُمَّة عَلَى حِفْظ الْقُرْآن وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّه زَوَى لِي الْأَرْض فَرَأَيْت مَشَارِقهَا وَمَغَارِبهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْك أُمَّتِي مَا زَوَى لِي مِنْهَا " فَهَا نَحْنُ نَتَقَلَّب فِيمَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله وَصَدَقَ اللَّه وَرَسُوله فَنَسْأَل اللَّه الْإِيمَان بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَالْقِيَام بِشُكْرِهِ عَلَى الْوَجْه الَّذِي يُرْضِيه عَنَّا . قَالَ الْإِمَام مُسْلِم بْن الْحَجَّاج فِي صَحِيحه : حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عُمَر حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " لَا يَزَال أَمْر النَّاس مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمْ اِثْنَا عَشَر رَجُلًا " ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَنِّي فَسَأَلْت أَبِي مَاذَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ قَالَ : " كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش " وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر بِهِ وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَشِيَّة رَجْم مَاعِز بْن مَالِك وَذَكَرَ مَعَهُ أَحَادِيث أُخَر وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ وُجُود اِثْنَيْ عَشَر خَلِيفَة عَادِل وَلَيْسُوا هُمْ بِأَئِمَّةِ الشِّيعَة الِاثْنَيْ عَشَر فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ أُولَئِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ الْأَمْر شَيْء فَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ مِنْ قُرَيْش يَلُونَ فَيَعْدِلُونَ وَقَدْ وَقَعَتْ الْبِشَارَة بِهِمْ فِي الْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة ثُمَّ لَا يُشْتَرَط أَنْ يَكُون مُتَتَابِعِينَ بَلْ يَكُون وُجُودهمْ فِي الْأُمَّة مُتَتَابِعًا وَمُتَفَرِّقًا وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ أَرْبَعَة عَلَى الْوَلَاء وَهُمْ أَبُو بَكْر ثُمَّ عُمَر ثُمَّ عُثْمَان ثُمَّ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ ثُمَّ كَانَتْ بَعْدهمْ فَتْرَة ثُمَّ وُجِدَ مِنْهُمْ مَنْ شَاءَ اللَّه ثُمَّ قَدْ يُوجَد مِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ فِي الْوَقْت الَّذِي يَعْلَمهُ اللَّه تَعَالَى وَمِنْهُمْ الْمَهْدِيّ الَّذِي اِسْمه يُطَابِق اِسْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْيَته كُنْيَته يَمْلَأ الْأَرْض عَدْلًا وَقِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث سَعِيد بْن جَهْمَان عَنْ سَفِينَة مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْخِلَافَة بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَة ثُمَّ تَكُون مُلْكًا عَضُوضًا " وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله " وَعَدَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَيَسْتَخْلِفَنّهم فِي الْأَرْض كَمَا اِسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينهمْ الَّذِينَ اِرْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْد خَوْفهمْ أَمْنًا " الْآيَة قَالَ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بِمَكَّة نَحْوًا مِنْ عَشْر سِنِينَ يَدْعُونَ إِلَى اللَّه وَحْده وَإِلَى عِبَادَته وَحْده لَا شَرِيك لَهُ سِرًّا وَهُمْ خَائِفُونَ لَا يُؤْمَرُونَ بِالْقِتَالِ حَتَّى أُمِرُوا بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة فَقَدِمُوهَا فَأَمَرَهُمْ اللَّه بِالْقِتَالِ فَكَانُوا بِهَا خَائِفِينَ يُمْسُونَ فِي السِّلَاح وَيُصْبِحُونَ فِي السِّلَاح فَصَبَرُوا عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَة قَالَ يَا رَسُول اللَّه : أَبَد الدَّهْر نَحْنُ خَائِفُونَ هَكَذَا ؟ أَمَا يَأْتِي عَلَيْنَا يَوْم نَأْمَن فِيهِ وَنَضَع عَنَّا السِّلَاح ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَنْ تَصْبِرُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِس الرَّجُل مِنْكُمْ فِي الْمَلَإِ الْعَظِيم مُحْتَبِيًا لَيْسَتْ فِيهِ حَدِيدَة " وَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة فَأَظْهَرَ اللَّه نَبِيّه عَلَى جَزِيرَة الْعَرَب فَآمَنُوا وَوَضَعُوا السِّلَاح ثُمَّ إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَبَضَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا كَذَلِكَ آمِنِينَ فِي إِمَارَة أَبِي بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان حَتَّى وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِمْ الْخَوْف فَاِتَّخَذُوا الْحُجْزَة وَالشَّرْط وَغَيَّرُوا فَغُيِّرَ بِهِمْ وَقَالَ بَعْض السَّلَف : خِلَافَة أَبِي بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَقّ فِي كِتَاب اللَّه ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة وَقَالَ الْبَرَاء بْن عَازِب نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة وَنَحْنُ فِي خَوْف شَدِيد وَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيل مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْض - إِلَى قَوْله - لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " وَقَوْله تَعَالَى : " كَمَا اِسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ " كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ : " عَسَى رَبّكُمْ أَنْ يُهْلِك عَدُوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفكُمْ فِي الْأَرْض " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى" وَنُرِيد أَنْ نَمُنّ عَلَى الَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْض" الْآيَتَيْنِ . وَقَوْله : " وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينهمْ الَّذِي اِرْتَضَى لَهُمْ " الْآيَة كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيِّ بْن حَاتِم حِين وَفَدَ عَلَيْهِ " أَتَعْرِفُ الْحِيرَة ؟ قَالَ : لَمْ أَعْرِفهَا وَلَكِنْ قَدْ سَمِعْت بِهَا قَالَ : فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّه هَذَا الْأَمْر حَتَّى تَخْرُج الظَّعِينَة مِنْ الْحِيرَة حَتَّى تَطُوف بِالْبَيْتِ فِي غَيْر جِوَار أَحَد وَلَتُفْتَحَنَّ كُنُوز كِسْرَى بْن هُرْمُز قُلْت : كِسْرَى بْن هُرْمُز ؟ قَالَ : نَعَمْ كِسْرَى بْن هُرْمُز وَلَيُبْذَلَنَّ الْمَال حَتَّى لَا يَقْبَلهُ أَحَد " . قَالَ عَدِيّ بْن حَاتِم : فَهَذِهِ الظَّعِينَة تَخْرُج مِنْ الْحِيرَة فَتَطُوف بِالْبَيْتِ فِي غَيْر جِوَار أَحَد وَلَقَدْ كُنْت فِيمَنْ فَتَحَ كُنُوز كِسْرَى بْن هُرْمُز وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَة لِأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهَا . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا سُفْيَان عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّة بِالسَّنَا وَالرِّفْعَة وَالدِّين وَالنَّصْر وَالتَّمْكِين فِي الْأَرْض فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَل الْآخِرَة لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَة نَصِيب " وَقَوْله تَعَالَى : " يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا " قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا هَمَّام حَدَّثَنَا قَتَادَة عَنْ أَنَس أَنَّ مُعَاذ بْن جَبَل حَدَّثَهُ قَالَ : بَيْنَا أَنَا رَدِيف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَار لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنه إِلَّا آخِرَة الرَّحْل قَالَ : " يَا مُعَاذ قُلْت لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه وَسَعْدَيْك قَالَ : ثُمَّ سَارَ سَاعَة ثُمَّ قَالَ : يَا مُعَاذ بْن جَبَل قُلْت : لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه وَسَعْدَيْك ثُمَّ سَارَ سَاعَة ثُمَّ قَالَ : يَا مُعَاذ بْن جَبَل قُلْت : لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه وَسَعْدَيْك قَالَ : هَلْ تَدْرِي مَا حَقّ اللَّه عَلَى الْعِبَاد ؟ قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ : حَقّ اللَّه عَلَى الْعِبَاد أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ سَارَ سَاعَة ثُمَّ قَالَ : يَا مُعَاذ بْن جَبَل قُلْت : لَبَّيْكَ يَا رَسُول اللَّه وَسَعْدَيْك قَالَ : فَهَلْ تَدْرِي مَا حَقّ الْعِبَاد عَلَى اللَّه إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ؟ قَالَ قُلْت : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ : فَإِنَّ حَقّ الْعِبَاد عَلَى اللَّه أَنْ لَا يُعَذِّبهُمْ " . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث قَتَادَة . وَقَوْله تَعَالَى : " وَمَنْ كَفَرَ بَعْد ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ " أَيْ فَمَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِي بَعْد ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ أَمْر رَبّه وَكَفَى بِذَلِكَ ذَنْبًا عَظِيمًا فَالصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ لَمَّا كَانُوا أَقْوَم النَّاس بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَوَامِر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْوَعهمْ لِلَّهِ كَانَ نَصْرهمْ بِحَسْبِهِمْ أَظْهَرُوا كَلِمَة اللَّه فِي الْمَشَارِق وَالْمَغَارِب وَأَيَّدَهُمْ تَأْيِيدًا عَظِيمًا وَحَكَمُوا فِي سَائِر الْعِبَاد وَالْبِلَاد ; وَلَمَّا قَصَّرَ النَّاس بَعْدهمْ فِي بَعْض الْأَوَامِر نَقَصَ ظُهُورهمْ بِحَسْبِهِمْ وَلَكِنْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " لَا تَزَال طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقّ لَا يَضُرّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة - وَفِي رِوَايَة - حَتَّى يَأْتِيَ أَمْر اللَّه وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ - وَفِي رِوَايَة - حَتَّى يُقَاتِلُونَ الدَّجَّال - وَفِي رِوَايَة - حَتَّى يَنْزِل عِيسَى اِبْن مَرْيَم وَهُمْ ظَاهِرُونَ " . وَكُلّ هَذِهِ الرِّوَايَات صَحِيحَة وَلَا تَعَارُض بَيْنهَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • معلم التجويد

    معلم التجويد : كتيب ميسر مرتب على ثمانية أبواب: الأول: في تعريف القرآن، وبيان بعض فضله، وشرف أهله. الثاني: في بيان الترتيل. الثالث: في بيان طريق ميسر لختم القرآن. الرابع: في فضائل بعض الآيات والسور. الخامس: في بيان سجدات القرآن. السادس: في نبذة يسيرة من علم القراءات. السابع: في فرائد من فوائد لها صلة بالقرآن. الثامن: في أحكام متعلقة بإكرام المصحف. - قدم لهذه الرسالة فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، والمقرئ الشيخ أحمد بن خليل بن شاهين، والشيخ عبد الله بن علي بصفر - حفظهم الله -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166515

    التحميل:

  • السراج المُنير في الثقافة الإسلامية

    السراج المُنير في الثقافة الإسلامية: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فهذه موضوعاتٌ مُتنوِّعة علميَّة من الفِكر الإسلامي، صِغتُها في صورةِ سُؤالٍ وجوابٍ؛ رجاءَ أن يكون في هذا الأسلوبِ من التصنيفِ ترغيبٌ إلى النفوس، وتحبيبٌ إلى القلوب، وتيسيرٌ على القُرَّاء».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384395

    التحميل:

  • عشر قواعد في الاستقامة

    عشر قواعد في الاستقامة: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن موضوع هذه الرسالة عن الاستقامة، وهو موضوعٌ عظيمُ الأهميَّة جليلُ القدر، وحقيقٌ بكلِّ واحدٍ منَّا أن يُعنى به، وأن يُعطيَه من اهتمامه وعنايته .. وقد رأيتُ أنه من المُفيد لنفسي ولإخواني جمعَ بعض القواعد المهمة الجامعة في هذا الباب؛ لتكون لنا ضياءً ونبراسًا بعد مُطالعةٍ لكلام أهل العلم وأقاويلهم - رحمهم الله تعالى - عن الاستقامة، وعمَّا يتعلَّقُ بها، وسأذكر في هذه الرسالة عشرَ قواعد عظيمة في باب الاستقامة، وهي قواعد مهمةٌ جديرٌ بكلِّ واحدٍ منَّا أن يتنبَّه لها».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344672

    التحميل:

  • هؤلاء هم خصماؤك غدًا

    هؤلاء هم خصماؤك غدًا: قال المصنف - حفظه الله -: «فمع طول الأمل وتتابع الغفلة، وقلة الخوف من الله - عز وجل -، انتشرت ظاهرة الظلم التي قل أن يسلم منها أحد. ولأهمية تنزيه النفس عن هذا الداء الخبيث الذي يذهب بالحسنات ويجلب السيئات أقدم الجزء الرابع، من سلسلة رسائل التوبة. يختص بالظلم وأنواعه وسبل السلامة منه».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229607

    التحميل:

  • عيون الأثر في المغازي والسير

    عيون الأثر في المغازي والسير: كتاب يحتوي على بيان غزوات وسرايا النبي - صلى الله عليه وسلم -.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141384

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة