Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 118

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) (آل عمران) mp3
يَقُول تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَاهِيًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ عَنْ اِتِّخَاذ الْمُنَافِقِينَ بِطَانَة أَيْ يُطْلِعُونَهُمْ عَلَى سَرَائِرهمْ وَمَا يُضْمِرُونَهُ لِأَعْدَائِهِمْ وَالْمُنَافِقُونَ بِجُهْدِهِمْ وَطَاقَتهمْ لَا يَأْلُونَ الْمُؤْمِنِينَ خَبَالًا أَيْ يَسْعَوْنَ فِي مُخَالَفَتهمْ وَمَا يَضُرّهُمْ بِكُلِّ مُمْكِن وَبِمَا يَسْتَطِيعُونَ مِنْ الْمَكْر وَالْخَدِيعَة وَيَوَدُّونَ مَا يَعْنَت الْمُؤْمِنِينَ وَيُحْرِجهُمْ وَيَشُقّ عَلَيْهِمْ وَقَوْله تَعَالَى " لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَة مِنْ دُونكُمْ " أَيْ مِنْ غَيْركُمْ مِنْ أَهْل الْأَدْيَان وَبِطَانَة الرَّجُل هُمْ خَاصَّة أَهْله الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ عَلَى دَاخِل أَمْره وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ حَدِيث جَمَاعَة مِنْهُمْ يُونُس وَيَحْيَى بْن سَعِيد وَمُوسَى بْن عُقْبَة وَابْن أَبِي عَتِيق عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي سَعِيد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَا بَعَثَ اللَّه مِنْ نَبِيّ وَلَا اِسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَة إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَة تَأْمُرهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضّهُ عَلَيْهِ وَبِطَانَة تَأْمُرهُ بِالسُّوءِ وَتَحُضّهُ عَلَيْهِ وَالْمَعْصُوم مَنْ عَصَمَهُ اللَّه " وَقَدْ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ وَمُعَاوِيَة بْن سَلَّام عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ فَيَحْتَمِل أَنَّهُ عِنْد الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْهُمَا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ الزُّهْرِيّ أَيْضًا وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه فَقَالَ : وَقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر عَنْ صَفْوَان بْن سَلِيم عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ مَرْفُوعًا فَذَكَرَهُ فَيَحْتَمِل أَنَّهُ عِنْد أَبِي سَلَمَة عَنْ ثَلَاثَة مِنْ الصَّحَابَة وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوب مُحَمَّد بْن الْوَزَّان حَدَّثَنَا عِيسَى بْن يُونُس عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيْمِيّ عَنْ أَبِي الزنباع عَنْ اِبْن أَبِي الدِّهْقَانَة قَالَ : قِيلَ لِعُمَرَ بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِنَّ هَهُنَا غُلَامًا مِنْ أَهْل الْحِيرَة حَافِظ كَاتِب فَلَوْ اِتَّخَذْته كَاتِبًا فَقَالَ : قَدْ اِتَّخَذْت إِذًا بِطَانَة مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ فَفِي هَذَا الْأَثَر مَعَ هَذِهِ الْآيَة دَلِيل عَلَى أَنَّ أَهْل الذِّمَّة لَا يَجُوز اِسْتِعْمَالهمْ فِي الْكِتَابَة الَّتِي فِيهَا اِسْتِطَالَة عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاطِّلَاع عَلَى دَوَاخِل أُمُورهمْ الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشُوهَا إِلَى الْأَعْدَاء مِنْ أَهْل الْحَرْب وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ " وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِسْرَائِيل حَدَّثَنَا هُشَيْم حَدَّثَنَا الْعَوَّام عَنْ الْأَزْهَر بْن رَاشِد قَالَ : كَانُوا يَأْتُونَ أَنَسًا فَإِذَا حَدَّثَهُمْ بِحَدِيثٍ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ أَتَوْا الْحَسَن يَعْنِي الْبَصْرِيّ فَيُفَسِّرهُ لَهُمْ قَالَ : فَحَدَّثَ ذَات يَوْم عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ فَأَتَوْا الْحَسَن فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " فَقَالَ الْحَسَن : أَمَّا قَوْله " لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْله " لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ " يَقُول لَا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي أُمُوركُمْ ثُمَّ قَالَ الْحَسَن : تَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَة مِنْ دُونكُمْ " هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ مُجَاهِد بْن مُوسَى عَنْ هُشَيْم وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ هُشَيْم بِإِسْنَادِهِ مِثْله مِنْ غَيْر ذِكْر تَفْسِير الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَهَذَا التَّفْسِير فِيهِ نَظَر وَمَعْنَاهُ ظَاهِر " لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " أَيْ بِخَطِّ عَرَبِيّ لِئَلَّا يُشَابِه نَقْش خَاتَم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ نَقْشه مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَنْقُش أَحَد عَلَى نَقْشه وَأَمَّا الِاسْتِضَاءَة بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ فَمَعْنَاهُ لَا تُقَارِبُوهُمْ فِي الْمَنَازِل بِحَيْثُ تَكُونُونَ مَعَهُمْ فِي بِلَادهمْ بَلْ تَبَاعَدُوا مِنْهُمْ وَهَاجِرُوا مِنْ بِلَادهمْ وَلِهَذَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ " لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا " وَفِي الْحَدِيث الْآخَر " مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِك أَوْ سَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْله " فَحَمَلَ الْحَدِيث عَلَى مَا قَالَهُ الْحَسَن رَحِمَهُ اللَّه وَالِاسْتِشْهَاد عَلَيْهِ بِالْآيَةِ فِيهِ نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاههمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورهمْ أَكْبَر " أَيْ قَدْ لَاحَ عَلَى صَفَحَات وُجُوههمْ وَفَلَتَات أَلْسِنَتهمْ مِنْ الْعَدَاوَة مَعَ مَا هُمْ مُشْتَمِلُونَ عَلَيْهِ فِي صُدُورهمْ مِنْ الْبَغْضَاء لِلْإِسْلَامِ وَأَهْله مَا لَا يَخْفَى مِثْله عَلَى لَبِيب عَامِل وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " قَدْ بَيَّنَا لَكُمْ الْآيَات إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • ضحايا الحب

    ضحايا الحب: يظن بعض الناس أن أصحاب الشريعة وأبناء الملة لا يعرفون الحب، ولا يقدرونه حق قدره، ولا يدرون ما هو، والحقيقة أن هذا وهم وجهل؛ بل الحب العامر أنشودة عذبة في أفواه الصادقين، وقصيدة جميلة في ديوان المحبين، ولكنه حب شريف عفيف، كتبه الصالحون بدموعهم، وسطره الأبرار بدمائهم، فأصبحت أسماؤهم في سجل الخلود معالم للفداء والتضحية والبسالة. وقصدتُ من هذه الرسالة الوقف مع القارئ على جوانب مشرقة، وأطلال موحشة في مسيرة الحب الطويلة، التي بدأها الإنسان في حياة الكبد والنكد، ليسمو إلى حياة الجمال والجلال والكمال، وسوف يمر بك ذكر لضحايا الحب وقتلاه، وستعرف المقصود مما أردت إذا قرأت، وتعلم ما نويت إذا طالعت.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/324352

    التحميل:

  • مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب

    في هذه الصفحة المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - والتي تم جمعها بجامعة الإمام محمد بن سعود في أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب. وتشتمل على 13 مجلد شاملة لكل تراث الشيخ؛ وعناوينها كالتالي: - المجلد الأول، ويحتوي على: 1- رسائل العقيدة. 2- كتاب الكبائر. - المجلد الثاني: مختصر الإنصاف والشرح الكبير. - المجلد الثالث، ويحتوي على: 1- أربع قواعد تدور الأحكام عليها ويليها نبذة في اتباع النصوص مع احترام العلماء. 2- مبحث الإجتهاد والخلاف. 3- كتاب الطهارة. 4- شروط الصلاة وأركانها وواجباتها. 5- كتاب آداب المشي إلى الصلاة. 6- أحكام تمني الموت. - المجلد الرابع، ويحتوي على: 1- مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. 2- فتاوى ومسائل. - المجلد الخامس، ويحتوي على: 1- تفسير آيات من القرآن الكريم. 2- كتاب فضائل القرآن. - المجلد السادس: مختصر زاد المعاد. - المجلد السابع: الرسائل الشخصية. - المجلد الثامن: قسم الحديث [ الجزء الأول ]. - المجلد التاسع: قسم الحديث [ الجزء الثاني ]. - المجلد العاشر: قسم الحديث [ الجزء الثالث ]. - المجلد الحادي عشر: قسم الحديث [ الجزء الرابع ]. - المجلد الثاني عشر: قسم الحديث [ الجزء الخامس ]. - المجلد الثالث عشر، ويحتوي على: 1- المسائل التي لخصها الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية. 2- مختصر تفسير سورة الأنفال. 3- بعض فوائد صلح الحديبية. 4- رسالة في الرد على الرافضة. 5- الخطب المنبرية.

    الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264144

    التحميل:

  • الإمامة في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة

    الإمامة في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «الإمامة في الصلاة» بيّنت فيها بإيجاز: مفهوم الإمامة، وفضل الإمامة في الصلاة والعلم، وحكم طلب الإمامة إذا صلحت النّيّة، وأولى الناس بالإمامة، وأنواع الأئمة والإمامة، وأنواع وقوف المأموم مع الإمام، وأهمية الصفوف في الصلاة وترتيبها، وتسويتها، وألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - في تسويتها، وفضل الصفوف الأُوَل وميامن الصفوف، وحكم صلاة المنفرد خلف الصف، وصلاة المأمومين بين السواري، وجواز انفراد المأموم لعذر، وانتقال المنفرد إماماً، والإمام مأموماً، والمأموم إماماً، وأحوال المأموم مع الإمام، وأحكام الاقتداء بالإمام داخل المسجد وخارجه، والاقتداء بمن أخطأ بترك شرط أو ركن ولم يعلم المأموم، والاقتداء بمن ذكر أنه مُحدث وحكم الاستخلاف، وآداب الإمام، وآداب المأموم، وغير ذلك من الأحكام المهمة المتعلقة بالإمامة وآدابها، وكل ذلك بالأدلة من الكتاب والسنة، حسب الإمكان».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2105

    التحميل:

  • النحو الواضح في قواعد اللغة العربية

    النحو الواضح في قواعد اللغة العربية: قال المؤلفان: « .. وقد نحونا في هذا الكتاب طريقة الاستنباط التي هي أكثر طرق التعليم قربًا إلى عقول الأطفال، وأثبتها أثرًا في نفوسهم، وأقربها إلى المنطق؛ لأنها خيرُ دافعٍ إلى التفكير والبحث، وتعرّف وجوه المُشابهة والمُخالفة بين الأشباه والأضداد؛ فقد أكثرنا من الأمثلة التي تستنبط منها القواعد، على طرازٍ حديثٍ لم يسبق له مثال .. ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/371026

    التحميل:

  • الأمن الفكري وعناية المملكة العربية السعودية به

    الأمن الفكري وعناية المملكة العربية السعودية به: أصل هذا الكتاب محاضرة أُلقيت في مدينة تدريب الأمن العام بمكة المكرمة بتاريخ 5 - 3 - 1422 هـ، وهو بحثٌ يتناول موضوعًا من أهم الموضوعات التي تشغل هموم الناس فرادى وجماعات، وتمس حياتهم واستقرارهم فيها مسًّا جوهريًّا، وهو الأمن الفكري، الذي يعتبر أهم أنواع الأمن وأخطرها؛ لما له من الصلة المتينة بالهوية الجماعية التي تُحدِّدها الثقافة الذاتية المميزة بين أمة وأخرى.

    الناشر: موقع رابطة العالم الإسلامي http://www.themwl.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330478

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة