Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة فاطر - الآية 10

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) (فاطر) mp3
وَقَوْله تَعَالَى : " مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّة فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا " أَيْ مَنْ كَانَ يُحِبّ أَنْ يَكُون عَزِيزًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلْيَلْزَمْ طَاعَة اللَّه تَعَالَى فَإِنَّهُ يَحْصُل لَهُ مَقْصُوده لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى مَالِك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُ الْعِزَّة جَمِيعًا كَمَا قَالَ تَعَالَى : " الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدهمْ الْعِزَّة فَإِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا " وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ" وَلَا يَحْزُنك قَوْلهمْ إِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا " وَقَالَ جَلَّ جَلَاله " وَلِلَّهِ الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ " قَالَ مُجَاهِد " مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّة " بِعِبَادَةِ الْأَوْثَان " فَإِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا " وَقَالَ قَتَادَة " مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّة فَإِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا " أَيْ فَلْيَتَعَزَّزْ بِطَاعَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقِيلَ مَنْ كَانَ يُرِيد عِلْم الْعِزَّة لِمَنْ هِيَ " فَإِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا " وَحَكَاهُ اِبْن جَرِير. وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب" يَعْنِي الذِّكْر وَالتِّلَاوَة وَالدُّعَاء قَالَهُ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ أَخْبَرَنِي جَعْفَر بْن عَوْن عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الْمَسْعُودِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُخَارِق عَنْ أَبِيهِ الْمُخَارِق بْن سُلَيْم قَالَ : قَالَ لَنَا عَبْد اللَّه هُوَ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ أَتَيْنَاكُمْ بِتَصْدِيقِ ذَلِكَ مِنْ كِتَاب اللَّه تَعَالَى إِنَّ الْعَبْد الْمُسْلِم إِذَا قَالَ سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ وَالْحَمْد لِلَّهِ وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر تَبَارَكَ اللَّه أَخَذَهُنَّ مَلَك فَجَعَلَهُنَّ تَحْت جَنَاحه ثُمَّ صَعِدَ بِهِنَّ إِلَى السَّمَاء فَلَا يَمُرّ بِهِنَّ عَلَى جَمْع مِنْ الْمَلَائِكَة إِلَّا اِسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يَجِيء بِهِنَّ وَجْه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ قَرَأَ عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ " وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة أَخْبَرَنَا سَعِيد الْجُرَيْرِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَقِيق قَالَ : قَالَ كَعْب الْأَحْبَار إِنَّ لِسُبْحَان اللَّه وَالْحَمْد لِلَّهِ وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر لَدَوِيًّا حَوْل الْعَرْش كَدَوِيِّ النَّحْل يُذْكَرْنَ لِصَاحِبِهِنَّ وَالْعَمَل الصَّالِح فِي الْخَزَائِن ; وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح إِلَى كَعْب الْأَحْبَار رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا . قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا اِبْن نُمَيْر حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي اِبْن أَبَى مُسْلِم الطَّحَّان عَنْ عَوْن بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ أَخِيهِ عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّه مِنْ جَلَال اللَّه مِنْ تَسْبِيحه وَتَكْبِيره وَتَحْمِيده وَتَهْلِيله يَتَعَاطَفْنَ حَوْل الْعَرْش لَهُنَّ دَوِيّ كَدَوِيِّ النَّحْل يُذَكِّرْنَ بِصَاحِبِهِنَّ أَلَا يُحِبّ أَحَدكُمْ أَنْ لَا يَزَال لَهُ عِنْد اللَّه شَيْء يُذَكِّر بِهِ " وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَبَى بِشْر بَكْر بْن خَلَف عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان عَنْ مُوسَى بْن أَبِي مُسْلِم الطَّحَّان عَنْ عَوْن بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ أَخِيهِ عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِهِ . وَقَوْله تَعَالَى : " وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ " قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا الْكَلِم الطَّيِّب ذِكْر اللَّه تَعَالَى يُصْعَد بِهِ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَالْعَمَل الصَّالِح أَدَاء الْفَرِيضَة فَمَنْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى فِي أَدَاء فَرَائِضه حَمَلَ عَمَله ذِكْر اللَّه تَعَالَى يَصْعَد بِهِ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى وَلَمْ يُؤَدِّ فَرَائِضه رُدَّ كَلَامه عَلَى عَمَله فَكَانَ أَوْلَى بِهِ وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد الْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ الْكَلَام الطَّيِّب وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَعِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَشَهْر بْن حَوْشَب وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ إِيَاس بْن مُعَاوِيَة الْقَاضِي لَوْلَا الْعَمَل الصَّالِح لَمْ يُرْفَع الْكَلَام وَقَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة لَا يُقْبَل قَوْل إِلَّا بِعَمَلٍ . وَقَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَات " قَالَ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَشَهْر بْن حَوْشَب هُمْ الْمُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ يَعْنِي يَمْكُرُونَ بِالنَّاسِ يُوهِمُونَ أَنَّهُمْ فِي طَاعَة اللَّه تَعَالَى وَهُمْ بُغَضَاء إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ" وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّه إِلَّا قَلِيلًا " وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ هُمْ الْمُشْرِكُونَ وَالصَّحِيح أَنَّهَا عَامَّة وَالْمُشْرِكُونَ دَاخِلُونَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " لَهُمْ عَذَاب شَدِيد وَمَكْر أُولَئِكَ هُوَ يَبُور " أَيْ يَفْسُد وَيَبْطُل وَيَظْهَر زَيْفهمْ عَنْ قَرِيب لِأُولِي الْبَصَائِر وَالنُّهَى فَإِنَّهُ مَا أَسَرَّ أَحَد سَرِيرَة إِلَّا أَبْدَاهَا اللَّه تَعَالَى عَلَى صَفَحَات وَجْهه وَفَلَتَات لِسَانه وَمَا أَسَرَّ أَحَد سَرِيرَة إِلَّا كَسَاهُ اللَّه تَعَالَى رِدَاءَهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْر وَإِنْ شَرًّا فَشَرّ فَالْمُرَائِي لَا يَرُوج أَمْره وَيَسْتَمِرّ إِلَّا عَلَى غَبِيّ أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَفَرِّسُونَ فَلَا يَرُوج ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بَلْ يَنْكَشِف لَهُمْ عَنْ قَرِيب وَعَالِم الْغَيْب لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها

    أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها: كتاب يتحدث عن موقف أهل السنة والجماعة في اثبات أسماء الله الحسنى و صفاته والرد على المنكرين لها.

    الناشر: دار الثريا للنشر

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/44527

    التحميل:

  • شبهات طال حولها الجدل [ القسم الأول ]

    شبهات طال حولها الجدل: كتابٌ جمع فيه المركزُ الشبهات المُثارة حول الصحابة - رضي الله عنهم -، ويرد عليها بردود علميةٍ قوية معتمدًا فيها على الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة النبوية، بفهم السلف الصالح - رضي الله عنهم -. وهذا هو القسم الأول من الكتاب.

    الناشر: جمعية الآل والأصحاب http://www.aal-alashab.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/335479

    التحميل:

  • شرح الآجرومية [ ابن عثيمين ]

    شرح الآجرومية: هذا شرح تعليمي لمتن ابن آجروم في النحو المعروف بالآجرومية، اعتنى فيه الشارح ببيان مفردات التعاريف، ومحترزاتها، وأمثلتها، مع إضافة بعض الشروط والأمثلة على ما ذكره الماتن، وقد وردت في آخر كل فصل أسئلة مع الإجابة عليها.

    الناشر: مكتبة الرشد بالمملكة العربية السعودية

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/334270

    التحميل:

  • الإيمان بالكتب

    الإيمان بالكتب : هذه الرسالة تحتوي على • تعريف الكتب لغة وشرعاً. • ما يتضمن الإيمان بالكتب. • أهمية الإيمان بالكتب. • أدلة الإيمان بالكتب. • الغاية من إنزال الكتب. • مواضع الاتفاق بين الكتب السماوية. • مواضع الاختلاف بين الكتب السماوية. • منزلة القرآن من الكتب المتقدمة. • التوراة. • التوراة الموجودة اليوم. • الإنجيل. • الإنجيل بعد عيسى - عليه السلام -. • هل يسوغ لأحد اتباع التوراة أو الإنجيل بعد نزول القرآن ؟. • ثمرات الإيمان بالكتب. • ما يضاد الإيمان بالكتب. • الطوائف التي ضلت في باب الإيمان بالكتب.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172701

    التحميل:

  • حقوق الإنسان في الإسلام

    حقوق الإنسان في الإسلام : في هذا البحث بيان حقيقة حقوق الإنسان كما تثار في عالمنا المعاصر، مع وضع شعاراتها، ومفاهيمها، ونتائجها، في ميزان الإسلام.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144878

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة