Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة المائدة - الآية 110

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (110) (المائدة) mp3
يَذْكُر تَعَالَى مَا اِمْتَنَّ بِهِ عَلَى عَبْده وَرَسُوله عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام مِمَّا أَجْرَاهُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْمُعْجِزَات الْبَاهِرَات وَخَوَارِق الْعَادَات فَقَالَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْك أَيْ فِي خَلْقِي إِيَّاكَ مِنْ أُمّ بِلَا ذَكَرٍ وَجَعْلِي إِيَّاكَ آيَة وَدَلَالَة قَاطِعَة عَلَى كَمَال قُدْرَتِي عَلَى الْأَشْيَاء وَعَلَى وَالِدَتك حَيْثُ جَعَلْتُك لَهَا بُرْهَانًا عَلَى بَرَاءَتِهَا مِمَّا نَسَبَهُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاهِلُونَ إِلَيْهَا مِنْ الْفَاحِشَة إِذْ أَيَّدْتُك بِرُوحِ الْقُدُس وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام وَجَعَلْتُك نَبِيًّا دَاعِيًا إِلَى اللَّه فِي صِغَرك وَكِبَرك فَأَنْطَقْتُك فِي الْمَهْد صَغِيرًا فَشَهِدْت بِبَرَاءَةِ أُمّك مِنْ كُلّ عَيْب وَاعْتَرَفْت لِي بِالْعُبُودِيَّةِ وَأَخْبَرْت عَنْ رِسَالَتِي إِيَّاكَ وَدَعَوْت إِلَى عِبَادَتِي وَلِهَذَا قَالَ " تُكَلِّم النَّاس فِي الْمَهْد وَكَهْلًا " أَيْ تَدْعُو إِلَى اللَّه النَّاس فِي صِغَرك وَكِبَرك وَضَمَّنَ تُكَلِّم تَدْعُو لِأَنَّ كَلَامَهُ النَّاسَ فِي كُهُولَته لَيْسَ بِأَمْرٍ عَجِيب وَقَوْله " وَإِذْ عَلَّمْتُك الْكِتَاب وَالْحِكْمَة " أَيْ الْخَطّ وَالْفَهْم وَالتَّوْرَاة وَهِيَ الْمُنَزَّلَة عَلَى مُوسَى بْن عِمْرَان الْكَلِيم وَقَدْ يَرِد لَفْظ التَّوْرَاة فِي الْحَدِيث وَيُرَاد بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْله" وَإِذْ تَخْلُق مِنْ الطِّين كَهَيْئَةِ الطَّيْر بِإِذْنِي " أَيْ تُصَوِّرهُ وَتُشَكِّلهُ عَلَى هَيْئَة الطَّائِر بِإِذْنِي لَك فِي ذَلِكَ فَتَنْفُخ فِيهَا " فَتَكُون طَيْرًا بِإِذْنِي " أَيْ فَتَنْفُخ فِي تِلْكَ الصُّورَة الَّتِي شَكَّلْتهَا بِإِذْنِي لَك فِي ذَلِكَ فَتَكُون طَيْرًا ذَا رُوحٍ تَطِير بِإِذْنِ اللَّه وَخَلْقه . وَقَوْله تَعَالَى " وَتُبْرِئ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَص بِإِذْنِي " قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ فِي سُورَة آل عِمْرَان بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته. وَقَوْله " وَإِذْ تُخْرِج الْمَوْتَى بِإِذْنِي " أَيْ تَدْعُوهُمْ فَيَقُومُونَ مِنْ قُبُورهمْ بِإِذْنِ اللَّه وَقُدْرَته وَإِرَادَته وَمَشِيئَته وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن طَلْحَة يَعْنِي اِبْن مُصَرِّف عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ أَبِي الْهُذَيْل قَالَ : كَانَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْيِي الْمَوْتَى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأ فِي الْأُولَى تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك وَفِي الثَّانِيَة الم تَنْزِيل السَّجْدَة فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُمَا مَدَحَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَا بِسَبْعَةِ أَسْمَاء : يَا قَدِيم يَا خَفِيّ يَا دَائِم يَا فَرْد يَا وِتْر يَا أَحَد يَا صَمَد وَكَانَ إِذَا أَصَابَتْهُ شِدَّة دَعَا بِسَبْعَةٍ أُخَر : يَا حَيّ يَا قَيُّوم يَا اللَّه يَا رَحْمَن يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام يَا نُور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا وَرَبّ الْعَرْش الْعَظِيم يَا رَبّ وَهَذَا أَثَر عَظِيم جِدًّا . وَقَوْله تَعَالَى " وَإِذْ كَفَفْت بَنِي إِسْرَائِيل عَنْك إِذْ جِئْتهمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْر مُبِين" أَيْ وَاذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْك فِي كَفِّي إِيَّاهُمْ عَنْك حِين جِئْتهمْ بِالْبَرَاهِينِ وَالْحُجَج الْقَاطِعَة عَلَى نُبُوَّتك وَرِسَالَتك مِنْ اللَّه إِلَيْهِمْ فَكَذَّبُوك وَاتَّهَمُوك بِأَنَّك سَاحِر وَسَعَوْا فِي قَتْلك وَصَلْبك فَنَجَّيْتُك مِنْهُمْ وَرَفَعْتُك إِلَيَّ وَطَهَّرْتُك مِنْ دَنَسهمْ وَكَفَيْتُك شَرَّهُمْ وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ هَذَا الِامْتِنَان كَانَ مِنْ اللَّه إِلَيْهِ بَعْد رَفْعه إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا أَوْ يَكُون هَذَا الِامْتِنَان وَاقِعًا يَوْم الْقِيَامَة وَعَبَّرَ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي دَلَالَة عَلَى وُقُوعه لَا مَحَالَة وَهَذَا مِنْ أَسْرَار الْغُيُوب الَّتِي أَطْلَعَ اللَّه عَلَيْهَا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • من مشاهير المجددين في الإسلام

    من مشاهير المجددين في الإسلام : قال العلامة ابن باز - رحمه الله - في مقدمته للكتاب: « فقد اطلعت على ما كتبه صاحب الفضيلة الدكتور صالح الفوزان المدرس بالمعهد العالي للقضاء بالرياض في ترجمة للإمامين العظيمين شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي الحنبلي المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر - رحمهم الله جميعا رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته وأجزاهما عن دعوتهما إلى الله وعن جهادهما في سبيله أحسن ما جزى به المحسنين -. فألفيتها ترجمة موجزة وافية بالمقصود من التعريف بحال الشيخين وما بذلاه من الجهود العظيمة في بيان حقيقة الإسلام والدعوة إليه والتعريف بالعقيدة الصحيحة التي سار عليها سلف الأمة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي بيان الرد على خصومهما وكشف الشبهات التي أوردوها وإيضاح ذلك بأوضح عبارة وألخص إشارة فجزاه الله خيرا وضاعف مثوبته وجعلنا وإياه وسائر إخواننا من دعاة الهدى وأنصار الحق إنه خير مسئول.

    المدقق/المراجع: عبد العزيز بن عبد الله بن باز

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117072

    التحميل:

  • الأصول الثلاثة الواجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها

    الأصول الثلاثة : رسالة مختصرة من الثلاثة الأصول وأدلتها للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وكتبها ليعلمها الصبيان والصغار. - هذه الرسالة تم نقلها من الجامع الفريد، ط 4 ( 1420هـ). - قال معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - في الوجه الأول من الشريط الأول لشرح متن الورقات: الشيخ - رحمه الله تعالى - له رسالة أخرى بعنوان الأصول الثلاثة، رسالة صغيرة أقل من هذه علمًا؛ ليعلمها الصبيان والصغار تلك يقال لها الأصول الثلاثة, وأما ثلاثة الأصول فهي هذه التي نقرأها، ويكثر الخلط بين التسميتين، ربما قيل لهذه ثلاثة الأصول، أو الأصول الثلاثة، لكن تسميتها المعروفة أنها ثلاثة الأصول وأدلتها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2397

    التحميل:

  • الأربعون في فضل المساجد وعمارتها مما رواه شيخ الحنابلة عبد الله بن عقيل

    الأربعون في فضل المساجد وعمارتها مما رواه شيخ الحنابلة عبد الله بن عقيل: في هذه الرسالة تخريج أربعين حديثًا مما رواه الشيخ العلامة عبد الله بن عقيل - رحمه الله - عن «فضل المساجد وعمارتها» بإسناده المتصل إلى سيد الأولين والآخرين - صلى الله عليه وسلم -، وذلك من كتب السنة المشرفة الحاوية لطائفةٍ عطرةٍ من الأحاديث النبوية الدالَّة على فضل المساجد وعمارتها، وما يتعلَّق بها من آداب. - تخريج: محمد بن ناصر العجمي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/371016

    التحميل:

  • آداب الغذاء في الإسلام

    في هذه الرسالة بيان بعض آداب الغذاء في الإسلام، وأصلها بحث ألقاه الشيخ - حفظه الله - في " الندوة السعودية الثانية للغذاء والتغذية " التي أقامتها كلية الزراعة بجامعة الملك سعود بالرياض، في الفترة من 4 إلى 7 جمادى الآخرة سنة 1415هـ.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net - دار الصميعي للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/167457

    التحميل:

  • فتياتنا بين التغريب والعفاف

    فتياتنا بين التغريب والعفاف: نلتقي في هذه السطور مع موضوع طالما غفل عنه الكثير، موضوع يمسّ كل فرد في هذه الأمة، فما منَّا إلا وهو بين أم، أو زوج، أو أخت، أو بنت، أو قريبة؛ بل كل مسلمة على هذه الأرض لها من وشائج الصلة ما يجعلها مدار اهتمام المسلم، إنه موضوع أمهات المستقبل ومربيات الليوث القادمة، إنه يتحدَّث عن بناتنا بين العفاف والتغريب.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337578

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة