Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 151

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) (الأنعام) mp3
قَالَ دَاوُد الْأَوْدِيّ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ عَلْقَمَة عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُر إِلَى وَصِيَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عَلَيْهَا خَاتَمه فَلْيَقْرَأْ هَؤُلَاءِ الْآيَات " قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا - إِلَى قَوْله - لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " وَقَالَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه : حَدَّثَنَا بَكْر بْن مُحَمَّد الصَّيْرَفِيّ عَنْ عُرْوَة حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد بْن الْفَضْل حَدَّثَنَا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل الْمَهْدِيّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَبْد اللَّه بْن خَلِيفَة قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي الْأَنْعَام آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب ثُمَّ قَرَأَ " قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ " الْآيَات ثُمَّ قَالَ الْحَاكِم : صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ قُلْت وَرَوَاهُ زُهَيْر وَقَيْس بْن الرَّبِيع كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَبْد اللَّه بْن قَيْس عَنْ اِبْن عَبَّاس بِهِ وَاَللَّه أَعْلَم . وَرَوَى الْحَاكِم أَيْضًا فِي مُسْنَده مِنْ حَدِيث يَزِيد بْن هَارُون عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي إِدْرِيس عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيّكُمْ يُبَايِعنِي عَلَى ثَلَاث ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ " حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْآيَات فَمَنْ وَفَى فَأَجْره عَلَى اللَّه وَمَنْ اِنْتَقَضَ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَأَدْرَكَهُ اللَّه بِهِ فِي الدُّنْيَا كَانَتْ عُقُوبَته وَمَنْ أَخَّرَ إِلَى الْآخِرَة فَأَمْره إِلَى اللَّه إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَإِنَّمَا اِتَّفَقَا عَلَى حَدِيث الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي إِدْرِيس عَنْ أَبِي عُبَادَة بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا الْحَدِيث وَقَدْ رَوَى سُفْيَان بْن حُسَيْن كِلَا الْحَدِيثَيْنِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَب إِلَى الْوَهْم فِي أَحَد الْحَدِيثَيْنِ إِذَا جَمَعَ بَيْنهمَا وَاَللَّه أَعْلَم. وَأَمَّا تَفْسِيرهَا فَيَقُول تَعَالَى لِنَبِيِّهِ وَرَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا غَيْر اللَّه وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّه وَقَتَلُوا أَوْلَادهمْ وَكُلّ ذَلِكَ فَعَلُوهُ بِآرَائِهِمْ وَتَسْوِيل الشَّيَاطِين لَهُمْ " قُلْ " لَهُمْ " تَعَالَوْا " أَيْ هَلُمُّوا وَأَقْبِلُوا " أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ " أَيْ أَقُصّ عَلَيْكُمْ وَأُخْبِركُمْ بِمَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا لَا تَخَرُّصًا وَلَا ظَنًّا بَلْ وَحْيًا مِنْهُ وَأَمْرًا مِنْ عِنْده" أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " وَكَأَنَّ فِي الْكَلَام مَحْذُوفًا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاق وَتَقْدِيره وَأَوْصَاكُمْ " أَلَّا تُشْرِكُوا شَيْئًا " وَلِهَذَا قَالَ فِي آخِر الْآيَة " ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : حَجَّ وَأَوْصَى بِسُلَيْمَى الْأَعْبُدَا أَنْ لَا تُرَى وَلَا تُكَلِّم أَحَدَا وَلَا يَزَلْ شَرَابُهَا مُبَرَّدًا وَتَقُول الْعَرَب أَمَرْتُك أَنْ لَا تَقُوم وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي جِبْرِيل فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِك بِاَللَّهِ شَيْئًا مِنْ أُمَّتك دَخَلَ الْجَنَّة قُلْت وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قُلْت وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قُلْت وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْر وَفِي بَعْض الرِّوَايَات أَنَّ قَائِل ذَلِكَ هُوَ أَبُو ذَرّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ فِي الثَّالِثَة وَإِنْ رَغِمَ أَنْف أَبِي ذَرّ فَكَانَ أَبُو ذَرّ يَقُول بَعْد تَمَام الْحَدِيث وَإِنْ رَغِمَ أَنْف أَبِي ذَرّ وَفِي بَعْض الْمَسَانِيد وَالسُّنَن عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول اللَّه تَعَالَى" يَا اِبْن آدَم إِنَّك مَا دَعَوْتنِي وَرَجَوْتنِي فَإِنِّي أَغْفِر لَك عَلَى مَا كَانَ مِنْك وَلَا أُبَالِي وَلَوْ أَتَيْتنِي بِقُرَابِ الْأَرْض خَطِيئَة أَتَيْتُك بِقُرَابِهَا مَغْفِرَة مَا لَمْ تُشْرِك بِي شَيْئًا وَإِنْ أَخْطَأْت حَتَّى تَبْلُغ خَطَايَاك عَنَان السَّمَاء ثُمَّ اِسْتَغْفَرْتنِي غَفَرْت لَك " وَلِهَذَا شَاهِد فِي الْقُرْآن قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء " وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ اِبْن مَسْعُود مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِك بِاَللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّة وَالْآيَات وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة جِدًّا وَرَوَى اِبْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيث عُبَادَة وَأَبِي الدَّرْدَاء لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِعْتُمْ أَوْ صُلِبْتُمْ أَوْ حُرِقْتُمْ وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَوْف الْحِمْصِيّ حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم حَدَّثَنَا نَافِع بْن يَزِيد حَدَّثَنِي سَيَّار بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ يَزِيد بْن قوذر عَنْ سَلَمَة بْن شُرَيْح عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت قَالَ : أَوْصَانَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِ خِصَال أَلَّا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ حُرِقْتُمْ وَقُطِعْتُمْ وَصُلِبْتُمْ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَوْله تَعَالَى " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" أَيْ وَأَوْصَاكُمْ وَأَمَرَكُمْ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا أَيْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَقَضَى رَبّك أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " وَقَرَأَ بَعْضهمْ وَوَصَّى رَبّك أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا أَيْ أَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ وَاَللَّه تَعَالَى كَثِيرًا مَا يَقْرِن بَيْن طَاعَته وَبِرّ الْوَالِدَيْنِ كَمَا قَالَ " أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك إِلَيَّ الْمَصِير وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبهمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيل مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " فَأَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ بِحَسْبِهِمَا وَقَالَ تَعَالَى " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاق بَنِي إِسْرَائِيل لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّه وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " الْآيَة وَالْآيَات فِي هَذَا كَثِيرَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيّ الْعَمَل أَفْضَل ؟ قَالَ الصَّلَاة عَلَى وَقْتهَا قُلْت ثُمَّ أَيّ ؟ قُلْ بِرّ الْوَالِدَيْنِ قُلْت ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه قَالَ اِبْن مَسْعُود : حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ اِسْتَزَدْته لَزَادَنِي وَرَوَى الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدُوَيْهِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَعَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت كُلّ مِنْهُمَا يَقُول أَوْصَانِي خَلِيلِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطِعْ وَالِدَيْك وَإِنْ أَمَرَاك أَنْ تَخْرُج لَهُمَا مِنْ الدُّنْيَا فَافْعَلْ وَلَكِنْ فِي إِسْنَادَيْهِمَا ضَعْف وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ مِنْ إِمْلَاق نَحْنُ نَرْزُقكُمْ وَإِيَّاهُمْ " لَمَّا أَوْصَى تَعَالَى بِالْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَاد عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ الْإِحْسَان إِلَى الْأَبْنَاء وَالْأَحْفَاد فَقَالَ تَعَالَى " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ مِنْ إِمْلَاق " وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتُلُونَ أَوْلَادهمْ كَمَا سَوَّلَتْ لَهُمْ الشَّيَاطِين ذَلِكَ فَكَانُوا يَئِدُونَ الْبَنَات خَشْيَة الْعَار وَرُبَّمَا قَتَلُوا بَعْض الذُّكُور خَشْيَة الِافْتِقَار وَلِهَذَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ أَيّ الذَّنْب أَعْظَم ؟ قَالَ أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قُلْت ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ أَنْ تَقْتُل وَلَدَك خَشْيَة أَنْ يُطْعَم مَعَك قُلْت ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ أَنْ تُزَانِي حَلِيلَة جَارك ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ " الْآيَة وَقَوْله تَعَالَى" مِنْ إِمْلَاق " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَغَيْره : هُوَ الْفَقْر أَيْ وَلَا تَقْتُلُوهُمْ مِنْ فَقْركُمْ الْحَاصِل. وَقَالَ فِي سُورَة الْإِسْرَاء " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ خَشْيَة إِمْلَاق " أَيْ لَا تَقْتُلُوهُمْ خَوْفًا مِنْ الْفَقْر فِي الْآجِل وَلِهَذَا قَالَ هُنَاكَ " نَحْنُ نَرْزُقهُمْ وَإِيَّاكُمْ " فَبَدَأَ بِرِزْقِهِمْ لِلِاهْتِمَامِ بِهِمْ أَيْ لَا تَخَافُوا مِنْ فَقْركُمْ بِسَبَبِ رِزْقهمْ فَهُوَ عَلَى اللَّه وَأَمَّا هُنَا فَلَمَّا كَانَ الْفَقْر حَاصِلًا قَالَ " نَحْنُ نَرْزُقكُمْ وَإِيَّاهُمْ " لِأَنَّهُ الْأَهَمّ هَهُنَا وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى" قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْم وَالْبَغْي بِغَيْرِ الْحَقّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّه مَا لَا تَعْلَمُونَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرهَا فِي قَوْله تَعَالَى" وَذَرُوا ظَاهِر الْإِثْم وَبَاطِنه " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَحَد أَغْيَر مِنْ اللَّه مِنْ أَجْل ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَقَالَ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر عَنْ وَرَّاد عَنْ مَوْلَاهُ الْمُغِيرَة قَالَ : قَالَ سَعْد بْن عُبَادَة لَوْ رَأَيْت مَعَ اِمْرَأَتِي رَجُلًا لَضَرَبْته بِالسَّيْفِ غَيْر مُصَفَّح فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَة سَعْد ؟ فَوَاَللَّهِ لَأَنَا أَغْيَر مِنْ سَعْد وَاَللَّه أَغْيَر مِنِّي مِنْ أَجْل ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ أَخْرَجَاهُ وَقَالَ كَامِل أَبُو الْعَلَاء عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قِيلَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَغَار قَالَ وَاَللَّه إِنِّي لَأَغَار وَاَللَّه أَغْيَر مِنِّي وَمِنْ غَيْرَته نَهَى عَنْ الْفَوَاحِش رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ وَلَمْ يُخْرِجهُ أَحَد مِنْ أَصْحَاب الْكُتُب السِّتَّة وَمَرَّ عَلَى شَرْط التِّرْمِذِيّ فَقَدْ رُوِيَ بِهَذَا السَّنَد أَعْمَار أُمَّتِي مَا بَيْن السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَقَوْله تَعَالَى" وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ" وَهَذَا مِمَّا نَصَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ النَّهْي عَنْهُ تَأْكِيدًا وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِل فِي النَّهْي عَنْ الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنِّي رَسُول اللَّه إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث الثَّيِّب الزَّانِي وَالنَّفْس بِالنَّفْسِ وَالتَّارِك لِدِينِهِ الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَةِ وَفِي لَفْظ لِمُسْلِمٍ وَاَلَّذِي لَا إِلَه غَيْره لَا يَحِلّ دَم رَجُل مُسْلِم وَذَكَرَهُ قَالَ الْأَعْمَش فَحَدَّثْت بِهِ إِبْرَاهِيم فَحَدَّثَنِي عَنْ الْأَسْوَد عَنْ عَائِشَة بِمِثْلِهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث خِصَال زَانٍ مُحْصَن يُرْجَم وَرَجُل قَتَلَ مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَل وَرَجُل يَخْرُج مِنْ الْإِسْلَام وَحَارَبَ اللَّه وَرَسُوله فَيُقْتَل أَوْ يُصْلَب أَوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْض وَهَذَا لَفْظ النَّسَائِيّ . وَعَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَان بْن عَفَّان أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ مَحْصُور : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث : رَجُل كَفَرَ بَعْد إِسْلَامه أَوْ زَنَى بَعْد إِحْصَانه أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْس فَوَاَللَّهِ مَا زَنَيْت فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام وَلَا تَمَنَّيْت أَنَّ لِي بِدِينِي بَدَلًا مِنْهُ بَعْد إِذْ هَدَانِي اللَّه وَلَا قَتَلْت نَفْسًا فَبِمَ تَقْتُلُونِي ؟ . رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن وَقَدْ جَاءَ النَّهْي وَالزَّجْر وَالْوَعِيد فِي قَتْل الْمُعَاهَد وَهُوَ الْمُسْتَأْمَن مِنْ أَهْل الْحَرْب فَرَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا مَنْ قَتْل مُعَاهَدًا لَمْ يُرَحْ رَائِحَة الْجَنَّة وَإِنَّ رِيحهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَة أَرْبَعِينَ عَامًا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّة اللَّه وَذِمَّة رَسُوله فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللَّه فَلَا يُرَحْ رَائِحَة الْجَنَّة وَإِنَّ رِيحهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَة سَبْعِينَ خَرِيفًا رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن صَحِيح وَقَوْله " ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " أَيْ هَذَا مِمَّا وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ عَنْ اللَّه أَمْره وَنَهْيه .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب

    رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من أعظم محاضن الدعوة اليوم: التعليم والتطبيب، وقد أجلب أصحاب الملل الباطلة في هذين المجالين بخيلهم ورجلهم، فانتشرت المدارس النصرانية وكثرت المراكز الطبية التي تقف من خلفها الكنائس والبعثات التنصيرية. وإسهامًا في الدعوة إلى الله- عز وجل- في هذا المجال الهام أدليت بدلوي رغبة في المشاركة ولو بالقليل».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229630

    التحميل:

  • التكفير وضوابطه

    التكفير وضوابطه: بعث الله نبيه بالحجة البينة الواضحة، فأنار السبيل، وكشف الظلمة، وترك أمته على محجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. وكان من أوائل من زاغ عن هديه - صلى الله عليه وسلم - الخوارجُ، فكانوا أول المبتدعة ظهورًا في الإسلام، وأظهرها ذمًّا في السنة النبوية. وأمام داهية عودة التكفير - من جديد - بين بعض شباب المسلمين، رأت رابطةُ العالم الإسلامي أن تسهم في التصدي لهذه الضلالة بيانًا للحق، وقيامًا بالواجب، ولتكون هذه الدراسة وغيرها نبراس هداية لكل من استزلَّه الشيطان فوقع في إخوانه المسلمين تكفيرًا وتفسيقًا.

    الناشر: موقع رابطة العالم الإسلامي http://www.themwl.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/323935

    التحميل:

  • بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها

    بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها: رسالة قيمة فيها ذِكْر لأصول عقيدة أهل السنة والجماعة إجمالاً، وذكر مفهوم العقيدة، ومن هم أهل السنة والجماعة، وأسماؤهم وصفاتهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1964

    التحميل:

  • اليهود نشأة وتاريخا

    اليهود نشأة وتاريخا : فإن اليهود - كما هو معلوم - هم قتلة الأنبياء! ورسالتهم التي يعيشون من أجلها هي تدمير أخلاق جميع البشر‍! خصوصا المرأة وهذا واضح في جميع المؤتمرات التي عقدت لبحث حقوق المرأة! وبين اليهود صراع خفي وجلي، وكبريات المصائب والأحداث العالمية تحركها أصابع اليهود الخفية. ولهم مع الدعوة النبوية مواقف لا تخفى على أحد وقد أجمع العقلاء على أنهم أصل الإرهاب ومصدره. وأنماط التفكير عندهم فيها خبث ودهاء ومكر وخديعة والتواء ولف ودوران!! كل ذلك تراه مفصلا في أبحاث هذا الكتاب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/191604

    التحميل:

  • حديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» وقفات وتأملات

    حديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» وقفات وتأملات: هذا البحث تضمن شرح الحديث النبوي الرائع الذي يهتم بجانب الإيمان ومقتضياته، وأثره على السلوك الإنساني؛ من خلال فهم هذا الحديث ودراسته، واستنباط الأحكام القيمة، والدروس النافعة لكل مسلم، ولكل مستقيم على هذا الدين، ولكل من يريد رفعة درجاته وتكفير سيئاته، ولكل داعيةٍ يريد سلوك صراط الله تعالى.

    الناشر: شبكة السنة النبوية وعلومها www.alssunnah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330173

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة