Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة ص - الآية 42

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) (ص) mp3
يَذْكُر تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْده وَرَسُوله أَيُّوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا كَانَ اِبْتَلَاهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ الضُّرّ فِي جَسَده وَمَاله وَوَلَده حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ جَسَده مَغْرَز إِبْرَة سَلِيمًا سِوَى قَلْبه وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْ الدُّنْيَا شَيْء يَسْتَعِين بِهِ عَلَى مَرَضه وَمَا هُوَ فِيهِ غَيْر أَنَّ زَوْجَته حَفِظَتْ وُدَّهُ لِإِيمَانِهَا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَرَسُوله فَكَانَتْ تَخْدُم النَّاس بِالْأُجْرَةِ وَتُطْعِمهُ وَتَخْدُمهُ نَحْوًا مِنْ ثَمَانِي عَشْرَة سَنَة وَقَدْ كَانَ قَبْل ذَلِكَ فِي مَال جَزِيل وَأَوْلَاد وَسَعَة طَائِلَة مِنْ الدُّنْيَا فَسُلِبَ جَمِيع ذَلِكَ حَتَّى آلَ بِهِ الْحَال إِلَى أَنْ أُلْقِيَ عَلَى مَزْبَلَة مِنْ مَزَابِل الْبَلْدَة هَذِهِ الْمُدَّة بِكَمَالِهَا وَرَفَضَهُ الْقَرِيب وَالْبَعِيد سِوَى زَوْجَته رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَإِنَّهَا كَانَتْ لَا تُفَارِقهُ صَبَاحًا وَمَسَاء إِلَّا بِسَبَبِ خِدْمَة النَّاس ثُمَّ تَعُود إِلَيْهِ قَرِيبًا فَلَمَّا طَالَ الْمَطَال وَاشْتَدَّ الْحَال وَانْتَهَى الْقَدْر وَتَمَّ الْأَجَل الْمُقَدَّر تَضَرَّعَ إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ وَإِلَه الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ " أَنِّي مَسَّنِي الضُّرّ وَأَنْتَ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ " وَفِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة قَالَ " وَاذْكُرْ عَبْدنَا أَيُّوب إِذْ نَادَى رَبّه أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَان بِنُصْبٍ وَعَذَاب " قِيلَ بِنُصْبِ فِي بَدَنِي وَعَذَاب فِي مَالِي وَوَلَدِي فَعِنْد ذَلِكَ اِسْتَجَابَ لَهُ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُوم مِنْ مَقَامه وَأَنْ يَرْكُض الْأَرْض بِرِجْلِهِ فَفَعَلَ فَأَنْبَعَ اللَّه تَعَالَى عَيْنًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْتَسِل مِنْهَا فَأَذْهَبَتْ جَمِيع مَا كَانَ فِي بَدَنه مِنْ الْأَذَى ثُمَّ أَمَرَهُ فَضَرَبَ الْأَرْض فِي مَكَان آخَر فَأَنْبَعَ لَهُ عَيْنًا أُخْرَى وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْرَب مِنْهَا فَأَذْهَبَتْ جَمِيع مَا كَانَ فِي بَاطِنه مِنْ السُّوء وَتَكَامَلَتْ الْعَافِيَة ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلِهَذَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " اُرْكُضْ بِرِجْلِك هَذَا مُغْتَسَل بَارِد وَشَرَاب " قَالَ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم جَمِيعًا حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي نَافِع بْن يَزِيد عَنْ عُقَيْل عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ أَنَس بْن مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ نَبِيّ اللَّه أَيُّوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَبِثَ بِهِ بَلَاؤُهُ ثَمَانِي عَشْرَة سَنَة فَرَفَضَهُ الْقَرِيب وَالْبَعِيد إِلَّا رَجُلَيْنِ كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخْوَانه بِهِ كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ فَقَالَ أَحَدهمَا لِصَاحِبِهِ تَعْلَم وَاَللَّه لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوب ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ قَالَ لَهُ صَاحِبه وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ مُنْذُ ثَمَانِي عَشْرَة سَنَة لَمْ يَرْحَمهُ اللَّه تَعَالَى فَيَكْشِف مَا بِهِ فَلَمَّا رَاحَا إِلَيْهِ لَمْ يَصْبِر الرَّجُل حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَيُّوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا أَدْرِي مَا تَقُول غَيْر أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَم أَنِّي كُنْت أَمُرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ فَيَذْكُرَانِ اللَّه تَعَالَى فَأَرْجِع إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّر عَنْهُمَا كَرَاهِيَة أَنْ يُذْكَر اللَّه تَعَالَى إِلَّا فِي حَقّ وَقَالَ وَكَانَ يَخْرُج إِلَى حَاجَته فَإِذَا قَضَاهَا أَمْسَكَتْ اِمْرَأَته بِيَدِهِ حَتَّى يَبْلُغ فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أَبْطَأَ عَلَيْهَا فَأَوْحَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى أَيُّوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " أَنْ اُرْكُضْ بِرِجْلِك هَذَا مُغْتَسَل بَارِد وَشَرَاب " فَاسْتَبْطَأَتْهُ فَالْتَفَتَتْ تَنْظُر فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا قَدْ أَذْهَبَ اللَّه مَا بِهِ مِنْ الْبَلَاء وَهُوَ عَلَى أَحْسَن مَا كَانَ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ أَيْ بَارَكَ اللَّه فِيك هَلْ رَأَيْت نَبِيّ اللَّه هَذَا الْمُبْتَلَى ؟ فَوَاَللَّهِ الْقَدِير عَلَى ذَلِكَ مَا رَأَيْت رَجُلًا أَشْبَهَ بِهِ مِنْك إِذْ كَانَ صَحِيحًا قَالَ فَإِنِّي أَنَا هُوَ قَالَ وَكَانَ لَهُ أَنْدَرَانِ أَنْدَر لِلْقَمْحِ وَأَنْدَر لِلشَّعِيرِ فَبَعَثَ اللَّه تَعَالَى سَحَابَتَيْنِ فَلَمَّا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى أَنْدَر الْقَمْح أَفْرَغَتْ فِيهِ الذَّهَب حَتَّى فَاضَ وَأَفْرَغَتْ الْأُخْرَى فِي أَنْدَر الشَّعِير حَتَّى فَاضَ " هَذَا لَفْظ اِبْن جَرِير رَحِمَهُ اللَّه وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق حَدَّثَنَا مَعْمَر عَنْ هَمَّام بْن مُنَبِّه قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بَيْنَمَا أَيُّوب يَغْتَسِل عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ جَرَاد مِنْ ذَهَب فَجَعَلَ أَيُّوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَحْثُو فِي ثَوْبه فَنَادَاهُ رَبّه عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّوب أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُك عَمَّا تَرَى قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بَلَى يَا رَبّ وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتك " اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّزَّاق بِهِ وَلِهَذَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْله وَمِثْلهمْ مَعَهُمْ رَحْمَة مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَاب " قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة أَحْيَاهُمْ اللَّه تَعَالَى لَهُ بِأَعْيَانِهِمْ وَزَادَهُمْ مِثْلهمْ مَعَهُمْ وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " رَحْمَة مِنَّا" أَيْ بِهِ عَلَى صَبْره وَثَبَاته وَإِنَابَته وَتَوَاضُعه وَاسْتِكَانَته " وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَاب " أَيْ لِذَوِي الْعُقُول لِيَعْلَمُوا أَنَّ عَاقِبَة الصَّبْر الْفَرَج وَالْمَخْرَج وَالرَّاحَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • القصد السديد على كتاب التوحيد

    كتاب التوحيد: كتاب عظيم النفع في بابه، بين فيه مؤلفه - رحمه الله - التوحيد وفضله، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع؛ لذلك حرص العلماء على شرحه، ومن هذه الشروح كتاب القصد السديد على كتاب التوحيد للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك - رحمه الله -، وقد تميّز هذا الشرح عن غيره من الشروح بعدة ميزات منها : • عناية الشارح - رحمه الله - بشرح أبواب الكتاب. • عناية الشارح بتفسير الآيات القرآنية الواردة في متن كتاب التوحيد، وهذا ليس بغريب على عالِم له باعٌ طويل في التفسير. • انتقاؤه - رحمه الله - بعض مسائل كتاب التوحيد وبثها في ثنايا الشرح. • توسُّط هذا الشرح فهو ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل. • سهولة عبارة الشارح ووضوحها مما يجعل كتابه مناسباً لطلبة العلم على اختلاف مستوياتهم. • تضمن هذا الشرح بعض الفوائد والزوائد التي لا توجد في الشروح الأخرى.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2543

    التحميل:

  • التعليق المختصر على القصيدة النونية

    التعليق المختصر على القصيدة النونية المسماة بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية للعلامة ابن قيم الجوزية - رحمه الله -، وهي قصيدة انتصر فيها لعقيدة السلف الصالح، ورد فيها على مخالفيهم، ونقض حججهم وكشف شبهاتهم وتمويهاتهم. ولم يدع الناظم - رحمه الله - أصلاً من أصول عقيدة السلف إلا بينه، وأفاض في ذكره، ولم يترك بدعة كبرى أو مبتدعاً خطيراً إلا تناوله ورد عليه؛ فغدا هذا الكتاب - النظم - أشبه ما يكون - بالموسوعة الجامعة لعيون عقائد أهل السنة، والرد على أعدائها من جهال وضلال وأهل أهواء.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205557

    التحميل:

  • تذكير البشر بأحكام السفر

    تذكير البشر بأحكام السفر : لما كان كثير من الناس قد يجهلون أحكام العبادات وآداب المسافر في السفر جمعت ما تيسر في هذه الرسالة من أحكام المسافر وآدابه من حين أن يخرج من بيته إلى السفر إلى أن يرجع وما ينبغي له أن يقوله ويفعله في سفره فذكرت آداب السفر القولية والفعلية، ورخص السفر، وأحكام قصر الصلاة وجمعها للمسافر مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209174

    التحميل:

  • معنى الربوبية وأدلتها وأحكامها وإبطال الإلحاد فيها

    هذا بحث في تأسيس العلم بالربوبية وتقعيد أولوياتها العلمية وثوابتها المبدئية، وإبطال أصول الإلحاد فيها، على وجه الجملة في اختصار يأخذ بمجامع الموضوع ويذكر بمهماته التي في تحصيلها تحصيله. وهو في أربعة مباحث: الأول: تعريف الربوبية. الثاني: أدلة الربوبية. الثالث: أحكام الربوبية. الرابع: إبطال الإلحاد في الربوبية.

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/373094

    التحميل:

  • صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

    صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: رسالة قيمة تشرح كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً بأسلوب سهل، مع ذكر الدليل.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1963

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة